منها. قالت: سالم صالح. قال: فأين هو؟ قالت: في دار الأرقم. قال: فإن للَّه عليّ أن لا أذوق طعاما و لا أشرب شرابا أو آتي رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم). فأمهلنا حتى إذا هدأت الرّجل و سكن الناس خرجنا به يتكئ عليّ حتى أدخلناه على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فأكبّ عليه رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يقبّله و أكبّ عليه المسلمون و رقّ له رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) رقة شديدة، فقال أبو بكر: بأبي و أمي يا رسول اللَّه ليس بي بأس إلا ما نال الناس من وجهي و هذه أمي برّة بولدها و أنت مبارك، فعسى اللَّه أن يستنقذها بك من النار. فدعا لها رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و دعاها إلى اللَّه فأسلمت.
و أقاموا مع رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في الدار شهرا و هم تسعة و ثلاثون رجلا، و قد كان حمزة بن عبد المطلب أسلم يوم ضرب أبو بكر.
و دعا رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) لعمر بن الخطاب أو لأبي جهل بن هشام، فأصبح عمر و كانت الدعوة يوم الأربعاء فأسلم عمر يوم الخميس فكبّر رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و أهل البيت تكبيرة سمعت بأعلى مكة، فقام عمر فقال: يا رسول اللَّه علام نخفي ديننا فذكر نحو ما سبق.
و ذكر إسلام عمر هنا غريب و الصحيح أنه أسلم بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة.
قال ابن إسحاق: و دخل الناس أرسالا الرجال و النساء في دين اللَّه، حتى فشا الإسلام بمكة و تحدّث به. و كان أصحاب رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا صلّوا ذهبوا في الشّعاب و استخفوا بصلاتهم من قومهم، فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في شعب من شعاب مكة إذ ظهر عليهم نفر من المشركين و هم يصلّون فناكروهم و عابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقاص يومئذ رجلا من المشركين بلحيي بعير فشجّه و كان أول دم أهريق في الإسلام.
تنبيهان
الأول: دار الأرقم هي الدار المعروفة الآن بدار الخيزران عند الصفا.