فقال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): هذا شيطان يكلّم الناس يقال له مشعر و لم يعلن شيطان بتحريض نبي إلا قتله اللَّه تعالى.
فمكثوا ثلاثة أيام فإذا هاتف على الجبل يقول:
نحن قتلنا مسعرا* لمّا طغى و استكبرا و سفّه الحقّ و سنّ المنكرا* بشتمه نبيّنا المطهّرا قنّعته سيفا جروفا أبترا* إنّا نذود من أراد البطرا فقال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) ذاكم عفريت من الجن يقال له سمحج و قد سميته عبد الله آمن بي فأخبرني أنه في طلبه منذ أيام حتى قتله [1].
و روى ابن عساكر عن زميل و يقال زمل بن عمرو العذري، قال: كان لبني عذرة صنم يقال له خمام، و كانوا يعظّمونه و كان سادنه يقال له طارق و كانوا يعترون عنده، فلما ظهر النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) سمعنا صوتا يقول: يا طارق يا طارق، بعث النبي الصادق، بوحي ناطق، صدع صدعته بأرض تهامة، لناصريه السلامة و لخاذليه الندامة، هذا الوداع مني إلى يوم القيامة.
قال زمل: فوقع الصنم لوجهه. قال زمل: فابتعت راحلة و رحلت عليها حتى أتيت رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) مع نفر من قومي فأنشدته شعرا قلته:
إليك رسول اللَّه أعملت نصّها* * * أكلّفها نصّا و قوزا من الرّمل
لأنصر خير الخلق نصرا مؤزّرا* * * و أعقد حبلا من حبالك في حبلي
و أشهد أنّ اللَّه لا شيّ غيره* * * أدين له ما أثقلت قدمي نعلي
و روى أبو نعيم عن أبي هريرة قال: لما بعث اللَّه تعالى رسوله (صلّى اللّه عليه و سلم) أصبح كلّ صنم منكّسا فأتت الشياطين إبليس فأخبروه قال: هذا نبي قد بعث فالتمسوه. فقالوا: لم نجده فقال:
أنا صاحبه. فخرج إبليس فوجده بمكة فرجع إلى الشياطين فقال: قد وجد و معه جبريل.
و روى أيضا عن مجاهد قال: رنّ إبليس أربع مرات: حين لعن و حين أهبط و حين بعث النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) و حين أنزلت الحمد للَّه رب العالمين.
و الآثار في هذا الباب كثيرة.
تفسير الغريب
سواد: بفتح السين المهملة و واو مخففة فألف فدال مهملة.
[1] أخرجه أبو نعيم في الدلائل 1/ 30 و ذكره ابن كثير في البداية و النهاية 2/ 348.