الباب الحادي عشر في تعظيم مكة و حرمها، و تعظيم الذنب فيها
عن أبي شريح العدوي رضي اللّه تعالى عنه أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قام الغد من يوم الفتح فقال: «إن مكة حرّمها اللّه و لم يحرّمها الناس، فلا يحلّ لامرئ يؤمن باللّه و اليوم الآخر أن يسفك فيها دما و لا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخّص لقتال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فيها فقولوا له: إنّ اللّه تعالى قد أذن لرسوله و لم يأذن لكم، و إنما أذن لي ساعة من نهار، و قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، و ليبلّغ الشاهد الغائب».
و عنه أيضا قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «إن اللّه حرّم هذا البيت يوم خلق السموات و الأرض و صاغه يوم صاغ الشمس و القمر و ما حياله من السماء حرام، و إنه لا يحلّ لأحد بعدي و إنما أحلّ لي ساعة من النهار ثم عاد كما كان».
و عن عيّاش بن أبي ربيعة [3] رضي اللّه تعالى عنه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «لا تزال هذه الأمة بخير ما عظّموا هذه الحرمة حقّ تعظيمها فإذا ضيّعوا ذلك هلكوا».
و عن صفية بنت شيبة [5]- رضي اللّه تعالى عنها- قالت: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يقول:
«يا أيها الناس إن اللّه حرّم مكة يوم خلق السموات و الأرض، و هي حرام إلى يوم القيامة، لا يعضد شجرها و لا ينفّر صيدها و لا تؤخذ لقطتها إلا لمنشد». فقال العباس: إلّا الإذخر فإنه للبيوت و القبور. فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «إلا الإذخر».
[1] أخرجه الشافعي في المسند 1/ 295 (769)، و البخاري 4/ 50 كتاب جزاء الصيد (1832)، و مسلم 2/ 987 كتاب الحج (446- 1354).
[2] ذكره الهيثمي في المجمع 3/ 286 و عزاه للطبراني في الأوسط و قال فيه عطاء بن السائب و قد اختلط.
[3] عيّاش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد اللّه بن عمر بن مخزوم القرشي، المخزومي، و اسم أبيه عمرو، يلقب ذا الرّمحين، أسلم قديما، و هاجر الهجرتين، و كان أحد من يدعو له النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، من المستضعفين، و استشهد باليمامة، و قيل باليرموك، و قيل مات سنة خمس عشرة. التقريب 2/ 95.
[4] أخرجه ابن ماجة (3110) قال في الزوائد و في إسناده يزيد بن أبي زياد، و اختلط بآخره.
[5] صفيّة بنت شيبة بن عثمان العبدريّة. قال البرقاني: ليست بصحابية. و وثقها ابن حبان. الخلاصة 3/ 385.