فقد عرفنا: أنه «صلى اللّه عليه و آله» قد علم الناس الكتاب، و قد بقي هذا الكتاب بحفظ من اللّه: إِنّٰا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّٰا لَهُ لَحٰافِظُونَ [2].
و لكن أين هي تلك الحكمة التي علمها النبي «صلى اللّه عليه و آله» لأمته، و نحن نرى: أنه لم يبق منها عند علماء الإسلام و من يهتم بالأحاديث سوى نحو من خمس مئة حديث في أصول الأحكام و مثلها في أصول السنن [3]و هل كان من بينها شيء في الحكمة يا ترى؟ .
نعم، نحن نجد في أحاديث الأئمة الأطهار عليهم الصلاة و السلام الكثير من الحكمة، و من بينها الكثير من الأحاديث في الأمانة و الصدق الذي هو شعبة منها، و قد جعلوها محورا للأخلاق العملية، و اهتموا بها بصورة عجيبة و ظاهرة.
الأرض و المبدأ:
لقد رأينا: أن الأرض ليست هدفا في نظر الإسلام، و إنما الهدف هو الإسلام نفسه، فإن المقام في الأرض و الاحتفاظ بها، إذا كان معناه الذل و القهر، و الحرمان، و عدم تحقيق الأهداف الدينية السامية الكبرى، التي تكون بها سعادة الإنسان، فيجب ترك هذه الأرض و التخلي عنها إلى غيرها، من أجل الصلاح و الإصلاح، و بناء المستقبل، و الحصول على السعادة و الكرامة الحقيقية.