الوصول اليه ثبت عدم الفرق بين الجهل بالمالك و بين تعذر الوصول إليه في سائر أقسام مجهول المالك بعدم القول بالفصل من هذه الجهة أعني الفرق بين ما جهل مالكه و ما تعذر الوصول اليه لكن لا يخفى ما فيه إذ لم يعلم قصدهم الى عدم التفصيل و ليس ذلك الا من قبيل الموافقة الاتفاقية و عدم جواز التفصيل في مثل ذلك غير معلوم ان لم يعلم عدمه و يمكن الاستدلال على ما ذكره (المصنف) (رحمه الله) بمصحّحة يونس المتقدم ذكرها في كلامه عند تأييد الاستدلال على وجوب الفحص عن مالك الجوائز و ذكر في الوسائل في باب جواز الصدقة باللقطة بعد التعريف رواية أخرى عن يونس بن عبد الرّحمن قال سئل أبو الحسن الرّضا (عليه السلام) و انا حاضر الى ان قال فقال رفيق كان لنا بمكة فرحل منها إلى منزله و رحلنا الى منازلنا فلما ان صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا فأي شيء نصنع به قال تحملونه حتى تحملوه إلى الكوفة قال لسنا نعرفه و لا نعرف بلده و لا نعرف كيف نصنع به قال إذا كان كذا فبعه و تصدق بثمنه قال له على من جعلت فداك قال على أهل الولاية و الاستدلال بهاتين الرّوايتين و ان منعه بعض مشايخنا بعد ما نبهته عليه استنادا إلى انّه في الرواية الأولى اعنى المصححة قال الراوي و قد ذهب القوم و لا نعرفهم و لا نعرف أوطانهم و في هذه الرواية قال لسنا نعرفه و لا نعرف بلده فيكون مورد الروايتين من قبيل مجهول المالك لا من قبيل ما تعذر الوصول الى مالكه مع العلم به بعينه و قد أنكر أصل الحكم (أيضا) و قال انه مع تعذر الوصول الى المالك لو جاز التصدق لجاز التصدق بسهم الامام (عليه السلام) ثمّ استقرب الاستدلال برواية حفص بن غياث المتقدم ذكرها و لكني أقول انهما واضحتا الدلالة على المطلوب لانه ذكر السائل في الرواية انّه رفيق كان لهم بمكة و معلوم انّه من المستحيل ان يكون للرّجل رفيق لا يعرف شخصه و عينه خصوصا مع كون الاختلاط معه على وجه يبقى بعض متاعه معه لان ذلك لا يتيسّر الا بان يكونا في منزل واحد أو منزلين متقاربين بحيث يستعير بعضهم من بعض ما عونا أو غيره من الأدوات و غيرها (فحينئذ) يكون أقلّ ما يراد بقوله لسنا نعرفه باسمه و نسبه و قبيلته التي هو منها و هذا لا ينافي كونه معلوما و معروفا بشخصه بحيث يمتنع ان يوصف بكونه مجهولا و ذلك لان معروفية الإنسان قد تكون بالاسم الخاص المميّز عن غيره مع عدم معرفة نسبه و سائر أوصافه و قد تكون بمعرفة نسبه الخاص الغير المشترك بينه و بين غيره ككونه ابن زيد مع عدم وجود أخ له و قد تكون بسائر أوصافه كعالم البلد الفلاني مع الانحصار فيه و عدم العلم بشخصه و لا باسمه و لا نسبه و لا غير ذلك و كما ان من بيده المال لو كان يعرف صاحبه بشيء من الأمور المذكورة مع اشتباهه من سائر الجهات كان المال الذي بيده من قبيل معلوم المالك (فكذلك) لو عرفه بشخصه الخاص المميّز له عمن عداه مع عدم معرفته بشيء من سائر الجهات بل هذا اولى بتسميته معلوما لان المقصود من معلوميته من سائر الجهات معلوميّة شخصه دون العكس اللّهم الا ان يقال انك قد عرفت ان المجهول عبارة عن المشتبه بغير محصور و لكن لا (مطلقا) حتى يكون معروف الاسم و النسب المشتبه شخصه بغير محصور مجهولا بل هو عبارة عن المشتبه بغير محصور الذي لا يكون له بالفعل عند من ينسب اليه العلم أو الجهل مميز يفيد معرفته متى ما أريد و لا يكفي افادته المعرفة من باب الاتفاق فمعروف الاسم و النسب المشتبه شخصه بغير محصور له بالفعل مميّز و هو اسمه و نسبه متى ما أريد رفع الاشتباه به حصل ذلك و لهذا لا يكون من عرف اسمه المشترك من المعلوم و (حينئذ) نقول ان معرفة الشخص ليست بحيث متى ما أريد رفع الاشتباه عنه حصل ذلك و انّما هو من باب الاتفاق بمعنى انّه لو اتفق رؤيته له عرفه فلا يكون من المعلوم المتعذر الوصول اليه بل من المجهول و السّر فيما ذكرناه واضح لان ما ليس معروفا بالفعل و ليس له شأن المعروفية و التمييز تفصيلا متى ما أريد لا يصحّ إطلاق المعروف و المعلوم عليه كيف لا و لو كان اتفاق المعرفة في بعض الأحيان كافيا لكان كل مجهول (كذلك) و لكن الإنصاف وجود الفرق بين الجهل الصرف و بين معرفة الشخص فإنه في الثاني سبب التمييز
موجود بالفعل و هو معرفة شخصه الذي لو اتفق الرؤية كان معلوما تفصيلا بخلاف الجهل الصرف فإنّه ليس هناك سبب للمعرفة أصلا فيكون منوطا بنفس ارتفاع الجهل اتفاقا و ان كلمات الأصحاب حيث عبروا بالجهل بالمالك كما في عبارة (المصنف) (رحمه الله) لا تشمل معروف الشخص الذي جهل سائر أوصافه و جعل المعيار هو كون الرّجل مشتبها في محصورين أو غير محصور اجتهاد من بعض المتأخرين و المناط في مداليل الألفاظ التي لم يثبت فيها اصطلاح خاص هو العرف و اللغة و لكن بعد ذلك كله يبقى ان الاستدلال برواية يونس غير مفيد لان حكم موردها معلوم بها سواء دخل في المعلوم أم في المجهول لكن يبقى الكلام فيما لو كان معروفا بشخصه و اسمه و نسبه و لكن تعذر الوصول إليه فإنّه الذي يحتاج إلى إقامة الدّليل عليه و يدلّ على حكم التصدّق بعد الفحص في بعض موارد المسئلة رواية ابن وهب بضميمة خبر أخر تقدم ذكرهما في مسئلة الفحص لكنهما لا تشملان العين لظهورهما في الدين الا ان يدعى عدم الفرق بين العين و الدين
قوله ثم ان في الضمان لو ظهر المالك و لم يرض بالتصدق (إلخ)
القول بالضمان على تقدير ظهوره و عدم رضاه مختار جماعة منهم الشهيد الثاني (رحمه الله) في (المسالك) حيث قال و انّما يجوز الصّدقة بها مع اليأس من معرفته و الوصول اليه و لو ظهر بعد ذلك و لم يرض بالصّدقة ضمن له القيمة أو المثل انتهى
قوله و لا ينافيه اذن الشارع لاحتمال انّه اذن في التصدق على هذا الوجه كإذنه في التصدق باللقطة المضمونة
اعلم ان بعض المعاصرين زاد في مقام ذكر أدلّة القول بالضمان التمسّك بما دل على الضمان في اللقطة و نحوها و لم يتمسّك بها (المصنف) (رحمه الله) و ما ذكره بقوله كإذنه في التصدق باللقطة المضمونة فإنما هو رفع استبعاد عن اجتماع الاذن و الضمان و ليس استدلالا على أصل الحكم بالضمان فان كان ذكر المعاصر المذكور مبنيا على كونه مما تمسك به (المصنف) (رحمه الله) كما يعطيه مساق كلامه حيث ذكره في طي ما تمسك به هو (رحمه الله) لكن من دون تصريح باسمه فهو و هم فافهم
قوله و ليس هنا أمر مطلق بالتصدق ساكت عن ذكر الضمان حتى يستظهر منه عدم الضمان مع السّكوت عنه
أورد عليه بعض المعاصرين بقوله ان الإطلاق موجود و الاحتمال غير قادح في الظهور و أشار بالإطلاق إلى مثل قوله (عليه السلام) في رواية أبي حمزة فمن عرفت منهم رددت عليه ماله و من لم تعرف تصدقت به و عندي ان هذا الإيراد غير متجه عليه لأن الإطلاق إذا تقيّد بدليل مقيّد و لو منفصلا لا يكون ساكتا