المراد حل ذبائحهم للمؤمنين و حل مناكحهم بالنسبة إلى أنفسهم بأن يكون من تزوج منهم امرأة على وفق مذهبه حلت له
قوله و نسائهم
عطف على الدماء أي حرمة نسائهم و المراد حرمتهن على المؤمنين من جهة كونهن ذوات بعولة و بهذا يصحّ التعليل بقوله لان لكل قوم نكاحا
قوله مع ان التمثيل المذكور في الآية مختص بمن ثبت اخوته فلا يعم من وجب التبري عنه
لا يخفى على من اعطى التأمل في العبارة حقه انها قد تضمنت مناط المطلب على وجه اوفى و أتم فإن التمثيل عبارة عن مجموع قوله (تعالى) أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً المعقب بقوله (تعالى) فَكَرِهْتُمُوهُ و من المعلوم ان هذا الكلام مسوق على وجه الاستفهام الإنكاري يدل على انه ليس المراد بالأخ مطلق من شارك غيره في أمر كالطريق و العمل و أمثالهما بل خصوص المشارك الذي من شأنه أن يحب من شاركه و (حينئذ) لا ينطبق الا على المؤمن فإنه الذي من شأن المؤمن الأخر ان يلتزم حبه و لا ينطبق على المخالف و على هذا يصير التمثيل المذكور في ذيل الآية مخصّصا بصدرها الذي هو قوله (تعالى) وَ لٰا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ثم لا يخفى على من له ملكه اكتناه حقائق المقاصد ان هذا البيان مغاير لما افاده صاحب الحدائق و الجواهر (رحمه الله) من انه لا يتصور الاخوة بين المؤمن و المخالف هذا و قد بقي في المقام شيء و هو ان بعض من تأخر بعد ان اقتفى اثر صاحب الجواهر (رحمه الله) فيما أورده على المحقق الأردبيلي (رحمه الله) من انه لا يتصور الاخوة بين المؤمن و غيره و ان اللّه عقد الاخوة بين المؤمنين و ان الآية مصدرة بقوله (تعالى) يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا و غير ذلك مما عرفت زاد هو إيراد أخر على المحقق المذكور في التمسك بعموم الآية التحريم غيبة المخالف و هو ان الخطاب فيها مختص بالمشافهين فلا يعم غيرهم و ثبوت الحكم في حقنا انما هو بقاعدة الاشتراك في التكليف و لم يكن موضوع المخالف موجودا في زمانهم حتى يدعى دخوله في عموم الآية و يثبت الحكم في حقنا بقاعدة الاشتراك و انما حدث ذلك بعد زمانهم من جهة اعتبار شرط زائد في الايمان و هو قبول الولاية و أنت خبير بما فيه من الضعف و السقوط لأنه إذا سلم ان موضوع المخالف لم يكن موجودا في زمن الخطاب و انما حدث بعده من جهة اشتراط أمر زائد في الايمان و هو قبول الولاية لم يكن له بدّ من الالتزام بان موضوع المؤمن (أيضا) حدث بعد زمن الخطاب و ان من التزم بالشرط الزائد صار مؤمنا و من لم يلتزم به صار مخالفا و (حينئذ) نقول يتجه عليه أمران أحدهما ان هذا المقال ينافي دعوى ان الآية مصدرة بقوله (تعالى) يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا و ان أخا المؤمن لا يكون إلا مؤمنا فلا تعم الآية المخالف الا ان يعتذر عن ذلك بان هذا المقال مبنى على الإغماض عما تقدم و ثانيهما انه إذا لم يكن المخالف و لا المؤمن موجودين في ذلك الزمان فلا يبقى الا عنوان الإسلام الذي يرادفه الايمان المصدر به الآية فيصير معنى الآية و اللّه اعلم لا يغتب بعض المسلمين بعضا فيحرم على كل من صدق عليه عنوان المسلم اغتياب من صدق عليه عنوان المسلم و (حينئذ) لو فرض انه عرض لبعضهم عنوان أخر و لبعضهم الأخر عنوان مغاير للعنوانين الأولين لم يعقل ان يكون عروض العنوانين الآخرين مغيّرا للحكم المتحقق بالآية فافهم
قوله مضافا الى إمكان الاستدلال بالآية و ان كان الخطاب للمكلفين بناء على عدّ أطفالهم منهم تغليبا
المراد بالآية قوله (تعالى) لٰا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً و المراد بالخطاب ضمير الجمع المضاف اليه لفظ بعض فيكون المراد بعضكم ايها المكلفون و المميّزون و يكون المعنى بمقتضى ظاهر اللفظ نهى المكلفين عن اغتياب المميزين و نهى المميزين عن اغتياب المكلفين و نهى المكلفين عن اغتياب أمثالهم و نهى المميزين عن اغتياب أمثالهم لكن لما كان الخطاب التكليفي لا يتوجه الى غير المكلف بالإجماع و الضرورة خرج عن تحت حكم مباشرة فعل الغيبة بأن يذكر غيره بالسوء فبقي حكم حرمة ذكر الغير له بالسوء فبقي داخلا تحت البعض المنصوب على المفعولية هذا و لكن لا يخفى ما فيه من التكلف
قوله و ظاهره الشمول لغير المميّز (أيضا)
فما يعدّ عيبا في حق الصّبي الغير المميّز فذكره داخل في الغيبة بأن يقال انه منكوح و نحو ذلك و امّا ما لا يعدّ عيبا في حقه كاللعب بالجوز و الكتاب و نحوهما فذكره في حقه لا يكون من الغيبة
[بقي الكلام في أمور]
[الأول حقيقة الغيبة]
قوله و (الظاهر) من الكل خصوصا القاموس المفسّر لها أولا بالعيب ان المراد ذكره في مقام الانتقاص
أنكر بعض مشايخنا اعتبار قصد الانتقاص في تحقق مفهوم الغيبة و لم يأت على ذلك بسلطان مبين سوى التمسك بالعرف فاستند إلى انّه ان ذكر الرجل بصفات يكون وجودها فيه عيبا و نقصا مع عدم قصد انتقاصه بذلك لم يصدق عليه اسم الغيبة و أنت خبير بوهن ما ادعاه في مقابل ما يستفاد من كلمات أهل اللغة و انى لمثله الوصول الى عرف العرب في أمثال الزمان خصوصا في مواد اللغة
قوله فالمراد اما كراهة ظهوره و لو لم يكره وجوده كالميل الى القبائح و اما كراهة ذكره بذلك العيب
فيكون تقدير كلامه إذا ذكره بما يكره ظهوره أو يكره ذكره و الفرق بين الأمرين ظاهر كما أشار (رحمه الله) اليه فيما سيجيء لأنه قد يكون العيب ظاهرا فلا يبقى مورد لكراهة ظهوره و مع ذلك يكون صاحبه كارها لذكره
قوله و على هذا التعريف
يعنى تعريف المصباح
قوله و المراد بما يكرهه كما تقدم في عبارة المصباح ما يكره ظهوره
(انتهى) لا يخفى انه ان أراد بما يكرهه ما وقع في الخبرين اتجه عليه انه لا نكتة لترك احتمال ان يكون المراد ما يكره ذكره كما تقدم في عبارة المصباح مع جريان ذلك الاحتمال في الموصول الواقع في الخبرين بعد جعله عبارة عن العيب و ان أراد به ما وقع في عبارة جامع المقاصد اتّجه عليه ان ظاهر عبارة جامع المقاصد هو كون الموصول عبارة عن الكلام و ذلك لانه لم ينقلها غير وجهها فان الموجود فيه ما لفظه وحدها على ما في الاخبار ان يقول المرء في أخيه ما يكرهه لو سمعه مما فيه و وجه الظهور انها مثل عبارة الصّحاح فكما انه استظهر (المصنف) (رحمه الله) منها ان المراد بالموصول انّما هو الكلام و ليس وجه الظهور الا اقحام قوله لو سمعه (كذلك) في عبارة جامع المقاصد فكيف استظهر هناك ارادة الكلام و ذكر هيهنا احتمالين بل عين ارادة العيب الذي يكره ظهوره ثم ذكر ارادة الكلام على وجه الاحتمالين بل لقائل أن يقول ان ما ذكره المحقق الثاني (رحمه الله) في ذيل الكلام المذكور (أيضا) دليل على ارادة الكلام من الموصول لانه قال (رحمه الله) و كذا ما في حكم القول من الإشارة باليد و غيرها من الجوارح و التحاكي بفعله أو قوله كمشى الأعرج و قد يكون بالتعريض مثل قول القائل انا لا افعل كذا معرضا بمن يفعله و لو قال ذلك فيه بحضوره فتحريمه أغلظ و ان كان ظاهرهم انه ليس غيبة و ضابط الغيبة كل فعل يقصد به هتك عرض المؤمن و التفكه به و إضحاك الناس منه هذا ما أهمنا من كلامه (رحمه الله) لكن لا بد على تقدير ارادة الكلام بالموصول من ارتكاب الاستخدام في الضمير العائد الى الموصول الأخير المجرور بمن في التعريف و التقدير مما مضمونه فيه هذا مضافا الى ما يتجه على (المصنف) (رحمه الله) في الشق الأخير من الترديد (أيضا) ما أوردناه على الشق الأول من انه بعد جعل الموصول عبارة عن العيب