و الأخباريّون إن كان طعنهم بالاجتهاد هو ما يكون في المتعارف عند العامة فنحن أيضا موافقون لهم، و إن كان غرضهم الطعن بالاجتهاد الذي نحن نقول به و المتعارف عندنا فهو ليس في محلّه، و ليس مجال للطعن؛ لأنّا لا نعني بالاجتهاد إلّا كشف الحكم الشرعي في الوقائع من دليل شرعي، و لا إشكال في أنّ الأخباريّ أيضا يكون مثلنا في هذا الأمر، فهو أيضا لا بدّ له من كشف الحكم الشرعي في الوقائع من الدليل الشرعي و إن كان إشكاله في الاسم فالعاقل يرى ما فيه.
فظهر لك معنى الاجتهاد المصطلح عندنا و كونه غير الاجتهاد المصطلح عند العامة، و عدم ورود طعن الأخباريّين عليه، و لو طعنوا بهذا المعنى من الاجتهاد، فافهم.
اذا عرفت المراد من الاجتهاد فالكلام في الاجتهاد و التقليد يقع في ضمن مقاصد:
المقصد الأول المجتهد إمّا مطلق، أو متجزّئ.
فالمجتهد المطلق هو الذي يكون قادرا على استنباط جميع الأحكام. و المجتهد المتجزّى هو القادر على استنباط بعض الاحكام.
و لا ترديد في وقوع اجتهاد المطلق كثيرا، و صرف الترديد في الحكم الواقعي لواقعة ليس دليلا على عدم اجتهاد المطلق، إذ معه قادر على حكمه الظاهري من جريان الأصل مثلا، و كذلك لا إشكال في إمكان التجزي في الاجتهاد، لأنه ربّ شخص قادر على فهم مباني استنباط بعض الأحكام، و الحال أنّه غير قادر في البعض الآخر؛ لسهولة فهم بعض الأحكام و صعوبة بعضها، فيقدر على الأول دون الثاني، و هذا ممّا لا كلام فيه.
إنّما الكلام في رجوع الغير الى المجتهد و قضائه، فنقول: بأنّ المجتهد المطلق تارة