إذا عرفت ما تلوناه عليك اتّضح لك أنّ السعادة و الشقاوة ليستا ذاتيّتين غير معلّلتين لعدم كونهما جزء ذات الإنسان و لا لازم ماهيّته، بل هما من الامور الوجوديّة التي تكون معلّلة بل مكسوبة باختيار العبد و إرادته. فمبدأ السعادة هو العقائد الحقّة و الأخلاق الفاضلة و الأعمال الصالحة، و مبدأ الشقاوة مقابلاتها ممّا يكون لها في النفس آثار و صور و يرى جزاءها و صورها الغيبيّة في عالم الآخرة على ما هو المقرّر في لسان الشرع و الكتب العقليّة المعدّة لتفاصيل ذلك [1]. فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ السعادة و الشقاوة لمّا كانتا منتزعتين من الحيثيّات الوجوديّة و هي كما عرفت معلّلة كلّها، لا سبيل إلى القول بأنّها من الذاتيّات الغير المعلّلة، و المحقّق الخراساني (رحمه الله) قد أخذ هذه القضيّة من محالّها و استعملها في غير محلّها فصار غرضاً للإشكال [2].
[1]- انظر الحكمة المتعالية 9: 121- 382، و المبدأ و المعاد، صدر المتألّهين: 423- 467.