نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 18
و يكون المراد من كلمة «مرادة» ما أريد إحضاره في ذهن المخاطب، فيكون إشارة إلى ما سبق في معنى الوضع من أنّ لازم تعريف الوضع بالتعهّد- بعدم ذكر اللفظ إلّا عند إرادة تفهيم المعنى- هو أن تكون مداليل الألفاظ و معانيها هي الإرادات دون ذوات المعاني، فكان معنى «زيد» هو إرادة إحضار صورة زيد في ذهن المخاطب. لكن سبق بطلان المبنى، و أنّ الوضع ليس إلّا التنزيل بين الألفاظ و ذوات المعاني، و أثر هذا الوضع أن يشار بلفظ «زيد» إلى ذات زيد.
نعم، اختيار التلفّظ بلفظ «زيد» كاشف عن أنّ المتلفّظ داعيه إلى التلفّظ إحضار صورة المعنى في ذهن المخاطب، و يريد أن يفهمه ذلك، كما هو الشأن في الإشارة بالجوارح، لا أنّ هذه الإرادة مدلول اللفظ و قد أشير باللفظ إليها. و الدلالة التي هي تابعة للإرادة هي هذه الدلالة- إذ كانت مدلولها الإرادة- دون تلك الدلالة الأولى التي هي نتيجة الوضع، فإنّها دلالة و إشارة إلى ذات المعنى بلا مدخليّة للإرادة.
بطلان تقسيم الوضع إلى تعييني و تعيّني
من الأغلاط تقسيم الوضع إلى تعييني و تعيّني، بل كلّ وضع هو تعييني و لا وضع حاصل بالقهر و لأجل كثرة الاستعمال؛ فإنّ الوضع من الأمور القلبيّة لا من الأمور الخارجيّة ليقبل القهر. فإن حصل ذاك التعيين القلبي و الجعل النفساني جاز الاستعمال و حصل التعيّن، و إلّا لم يجز بل احتاج الاستعمال إلى رعاية علاقة و إقامة قرينة و إن بلغ من كثرة الاستعمال ما بلغ، و لا تكون كثرة الاستعمال موجبا لتعيّن اللفظ فيما كثر استعماله فيه.
نعم، لا نأبى أن تكون كثرة الاستعمال كاشفة عن البناء و الجعل النفساني، و يكون سبب تعيّن اللفظ هو ذاك دون هذا الكاشف. فسبب التعيّن لا زال هو التعيين القلبي، و الكاشف عن ذاك التعيين يختلف، فتارة قول: «وضعت» و أخرى كثرة الاستعمال، كما قد يكون ثالثة استعمال واحد كاشفا عنه، كما إذا قامت قرينة على أن المستعمل باستعماله هذا أراد إظهار وضعه.
و على ما ذكرناه فكثرة الاستعمال- و إن بلغت ما بلغت- لم توجب الوضع و التعيّن ما
نام کتاب : الأصول في علم الأصول نویسنده : الإيرواني، الشيخ علي جلد : 1 صفحه : 18