نام کتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 22
هم أن يحمد منّي ما يجده في مطاويه ، ويشكر سعيي عند وقوفه على دقائق مودعة
فيه لا يجدها إذا أرادها في كتاب ، ولا يبتهج بها إلا المتّقون من اولي الألباب ،
والله يحقّ الحقّ بكلماته ويُبطل الباطل ولو كره المبطلون.
هذا ، مع تقسّم
البال وتقلقل الحال من تراكم أمواج فتن وأهوال ، وعلى الله قصد السبيل وإرشاد
الدليل ، وهو حسبي ونعم الوكيل.
اعلم أنّ
العلماء رضوان الله عليهم قد استقرّ أمرهم على أن يبتدئوا في مصنّفاتهم بتسمية
الله تعالى وتحميده ؛ اقتداءً بخير الكلام ، كلام الملك العلام ، واستدلالاً بأحاديث
وردت عن رسوله وآله «، فسلك المصنّف رحمهالله هذا النهج القويم ، وقال : (بسم الله الرحمن الرحيم).
وتوهّم التنافي
بين مشهوري خبري «البَسْمَلة» و «الحَمْدَ له» اللّذين أحدهما : قوله عليهالسلام : «كلّ أمرٍ ذي بال لم يُبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر [١]» والثاني :
قوله عليهالسلام : «كلّ أمرٍ ذي بال لم يُبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم» [٢]» ـ باعتبار
أنّ الابتداء بمدلول أحدهما يوجب تأخير الآخر يندفع : بأنّ الابتداء هو التقديم
على المقصود الذاتي ، وهو مسائل الفنّ ، والخطبة بأجمعها مقصودة بالعرض ، والمحلّ
متّسع ، أو بأنّ الابتداء حقيقيّ وإضافيّ ، فالحقيقيّ حصل بالبَسْمَلَة ،
والإضافيّ بالحَمْد لَه ، فهو مبتدأ به بالإضافة إلى ما بعده ، أو بأنّ الحمد هو
الثناء بنعوت الكمال ، واسم الله المتعال منبئ عن صفات الإكرام ونعوت الجلال ،
فالابتداء بالتسمية يستلزم العمل بالخبرين جميعاً.
والمراد بالأمر
ذي البال ما يخطر بالقلب من الأعمال ، جليلةً كانت أم حقيرة ، فإنّ أفعال العقلاء
تابعة [٣] لقصودهم ودواعيهم المتوقّفة على الخطور بالقلب.
والأبتر يطلق
على المقطوع مطلقاً ، وعلى مقطوع الذنب ، وعلى ما لا عقب ولا نتيجة له ، وعلى ما
انقطع من الخير أثره.
والمعنى على
الأوّل والأخير أنّ ما لا يبتدأ فيه من الأُمور بالتسمية مقطوع الخير والبركة ،
وعلى الثاني يراد به الغاية الحاصلة من البتر ، وهي النقص وتشويه الخلقة ونقص
القدر.
[١] الكشّاف ١ : ٣ ـ
٤ ؛ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام
: ٢٥ ، ذيل الحديث ٧.
[٢] المعجم الكبير ـ
للطبراني ـ ١٩ : ٧٢ / ١٤١ ؛ سنن أبي داود ٤ : ٢٦١ / ٤٨٤٠ بتفاوت يسير.