كانت عزّة مولاة للأنصار،
و مسكنها المدينة، و هي أقدم من غنّى الغناء الموقّع من النساء بالحجاز، و ماتت
قبل جميلة، و كانت من أجمل النساء وجها، و أحسنهنّ جسما، و سمّيت الميلاء؛
لتمايلها في مشيها.
سبب تسميتها الميلاء
و قيل: بل كانت تلبس
الملاء، و تشبّه بالرجال، فسمّيت بذلك. و قيل: بل كانت مغرمة بالشراب، و كانت
تقول: خذ ملئا [1] و اردد فارغا- ذكر ذلك حمّاد بن إسحاق، عن أبيه.
و الصحيح أنها سمّيت
الميلاء لميلها في مشيتها.
مكانتها في الموسيقى و
الغناء
قال إسحاق: ذكر لي ابن
جامع، عن يونس الكاتب، عن معبد، قال: كانت عزّة الميلاء ممّن أحسنّ ضربا بعود، و
كانت مطبوعة على الغناء، لا يعيبها أداؤه و لا صنعته و لا تأليفه، و كانت تغنّي
أغاني القيان من القدائم، مثل سيرين [2]، و زرنب، و خولة، و الرباب، و سلمى، و
رائقة، و كانت رائقة أستاذتها. فلما قدم نشيط و سائب خاثر المدينة غنّيا أغاني
بالفارسية، فلقنت عزّة عنهما نغما، و ألّفت عليها ألحانا عجيبة، فهي أوّل من فتن
أهل المدينة بالغناء، و حرّض نساءهم و رجالهم عليه.
رأي مشايخ أهل المدينة
فيها
قال إسحاق: و قال الزّبير:
إنه وجد مشايخ أهل المدينة إذا ذكروا عزّة قالوا: للّه درّها! ما كان أحسن/
غناءها، و مدّ [3] صوتها، و أندى حلقها، و أحسن ضربها بالمزاهر و المعازف و سائر
الملاهي، و أجمل وجهها،/ و أظرف لسانها، و أقرب مجلسها، و أكرم خلقها، و أسخى
نفسها، و أحسن مساعدتها.
قال إسحاق: و حدّثني أبي،
عن سياط، عن معبد، عن جميلة، بمثل ذلك من القول فيها.
أخذ عنها ابن سريج و ابن
محرز
قال إسحاق: و حدثني أبي،
عن يونس، قال:
كان ابن سريج في حداثة
سنّه يأتي المدينة، فيسمع من عزّة و يتعلّم غناءها، و يأخذ عنها، و كان بها معجبا،
[1]
الملء، بالكسر: اسم ما يأخذه الإناء
إذا امتلأ. و في «المختار»: «ملاء».