الكلام هي الخبر، و الامر و النهي أيضا خبر، لانّه إخبار عن ترتّب
الثواب على الفعل و العقاب على الترك.
أقول: أساليب الكلام ليست بمحصورة في هذه الخمسة. و مدلول هذه الخمسة و
أكثر من الخمسة يمكن أن يكون واحدا هو القديم و الدلائل كثيرة. و لا فائدة في جعل
الكلام خبرا وحده، فانّ الخبر ليس بحقيقة تلك الصفة لتركّبه عن ذكر المخبر عنه و
ذكر الخبر و ارتباط الخبر به لكنه يجوز مع تركبه أن يكون دليلا على مبدأ واحد. و
إذا كان كذلك فالقول، بأنّ الامر و النهى خبر لكونهما إخبارا عن ترتّب الثواب و
العقاب على الفعل و الترك، ليس بشيء لأنّ المدلول بالذات يغاير المدلول بالعرض
ضرورة.
قال:
مسألة خبر اللّه تعالى صدق
خبر اللّه تعالى صدق، لأنّ الكذب نقص، و هو على اللّه محال. و
لأنّه لو كان كاذبا لكان كاذبا بكذب قديم، و لو كان كاذبا كذلك لاستحال منه الصدق،
لكن التالى محال، لأنّ كلّ من علم شيئا صحّ منه أن يخبر في نفسه خبرا صدقا و ذلك
معلوم بالضّرورة. لا يقال: هب أنّ ما ذكرتموه يدلّ على أنّ ذلك الخبر القديم صدق،
لكنّه لا يدلّ على كون هذه [الآيات] صدقا. لأنا نقول للمتعزلة: هذا أيضا لازم
عليكم، لأنّكم جوّزتم الحذف و الاضمار لحكمة لا نطّلع عليها، و تجويز ذلك يرفع
الوثوق عن هذه الظّواهر.
أقول: الحكم بأنّ الكذب نقص إن كان عقليّا كان قولا بحسن الاشياء و قبحها
عقلا، و إن كان سمعيّا لزم الدور. و قوله: «لو كان كاذبا بكذب قديم ...
لاستحال منه الصدق» مبنىّ على أنّ الكلام القديم هو عين الخبر، و مع
ذلك فهو خبر واحد لا غير و لم يصحّ كلّ واحد منهما. و ما قال على المعتزلة ليس
بوارد عليهم، لأنّهم يقولون: هداية المكلّفين و إزاحة عللهم واجبان على اللّه
تعالى، و على