قال هو ذلك بعينه في آخر هذا الفصل، و القول، بأنّ الحصول في الحيّز
حالة الحدوث وجودىّ، يكون متفرّعا على وجود الحصول في الحيّز مطلقا، و قد مرّ
الكلام فيه. و الصّواب أن يقال هو الكون الأوّل و الحصول الأوّل للجسم الحادث، و
هو لا يكون حركة و لا سكونا، لخروجه عن حدّيهما. و أمّا من قال «هو السكون» فانّما قاله،
لأنّه يقول: الأكوان في الاحياز كلّها سكونات، و يكون بعضها حركات باعتبارات اخر
و ذلك لأنّه قد روى عن أبى الحسن الأشعرىّ أنّه قال: الجوهر اذا كان في مكان
فالكون الّذي فيه سكون. و اذا تحرك الى مكان آخر فأوّل كونه في المكان الثانى
سكونه فيه، و حركته إليه.
و ذهب القلانسىّ الى أنّ السكون كونان متواليان في مكان واحد، و
الحركة كونان متواليان في مكانين، فاذن الكون الأوّل ليس بحركة فهو سكون. [و على
هذا القول] و لا يلزم أن تكون الحركة عين السكونات، و الاجتماع ينبغي أن يحدّ
بحيث يختصّ بجوهر واحد. فالذى قاله يفهم منه أن يكون لجوهرين اجتماع واحد. و
الصواب أن يقال هو حصول الجوهر في الحيّز بحيث لا يمكن أن يتخلل بينه و بين
[حيّزه] جوهر آخر ثالث. و الكون او الحصول في الحيّز عند المتكلّمين هو نوع، و
هذه الأربعة أجناس تحته. و قد مرّ أنّهم يقولون للأعمّ نوعا، و للأخصّ تحته جنسا
له. و جوابه عن تغيّر العلم، بأنّ التغيّر في الاضافات لا يوجب تغيّر الذّات،
مبنىّ على كون العلم إضافة، و سيجيء القول فيه.
قال:
مسألة الاجتماع و الافتراق
زعم قدماء الأصحاب أنّ الاجتماع و الافتراق أمران مغايران للكون
المخصّص للجوهر بالحيّز. و هو ضعيف، لأنّا متى عقلنا الجوهرين حاصلين في الحيّزين
[بحيث] لا يمكن أن يتخلّلهما ثالث، فقد عقلناهما مجتمعين، فلا حاجة إلى الزّائد.