جماعة من الشيعة
في أن الله عز وجل فوض إلى الأئمة صلوات الله عليهم أن يخلقوا ويرزقوا ، فقال قوم
: هذا محال لا يجوز على الله ، لأن الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عز وجل ، وقال
آخرون : بل الله عز وجل أقدر الأئمة على ذلك وفوض إليهم فخلقوا ورزقوا ، وتنازعوا
في ذلك تنازعا شديدا ، فقال قائل : ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان
فتسألونه عن ذلك ليوضح لكم الحق فيه ، فإنه الطريق إلى صاحب الأمر عليهالسلام ، فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلمت وأجابت إلى قوله ، فكتبوا المسألة وأنفذوها
إليه ، فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته : أن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسم
الأرزاق لأنه ليس بجسم ولا حال في جسم ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، فأما
الأئمة عليهمالسلام فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق ، ويسألونه فيرزق إيجابا
لمسألتهم ، وإعظاما لحقهم.
وروى الصدوق في
العيون عن الرضا عليهالسلام في معنى قول الصادق عليهالسلام : لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين ، قال : من زعم أن
الله تعالى يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ، ومن زعم أن الله عز وجل
فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه عليهمالسلام فقد قال بالتفويض ، والقائل بالجبر كافر ، والقائل
بالتفويض مشرك ، الخبر.
الثاني : التفويض
في أمر الدين ، وهذا أيضا يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون
الله تعالى فوض إلى النبي والأئمة صلوات الله عليهم عموما أن يحلوا ما شاءوا
ويحرموا ما شاءوا من غير وحي وإلهام ، أو يغيروا ما أوحى إليهم بآرائهم وهذا باطل
لا يقول به عاقل ، فإن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ينتظر الوحي أياما كثيرة لجواب سائل ولا يجيبه من عنده
، وقد قال تعالى : « وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاَّ
وَحْيٌ يُوحى » [١].
وثانيهما : أنه
تعالى لما أكمل نبيه بحيث لم يكن يختار من الأمور شيئا إلا ما يوافق الحق والصواب
، ولا يحل بباله ما يخالف مشيته سبحانه في كل باب ، فوض إليه