لا شكّ أنّه إذا دار الأمر بين حمل
اللفظ على المعنى الحقيقي والمجازي ، فالأصل هو الحقيقة حتى يثبت خلافه ، أو إذا
دار الأمر بين العام والخاص ، أو المطلق والمقيّد ، فالأصل هو الأخذ بالعموم
والمطلق حتى يثبت خلافها.
إنّما الكلام فيما إذا دار الأمر بين
أحد الأُمور الخمسة التي كلها على خلاف الأصل كالتجوز والتخصيص والاشتراك ، والنقل
والإضمار ، وغيرها كالاستخدام والتقييد فهل هناك ترجيح لأحدها على الآخر ، أو لا؟
قد ذكر الأُصوليون وجوهاً استحسانية لترجيح بعض على البعض الآخر ، وقد أطنب
المحقّق القمي [١]
الكلام في ذلك لكنّها وجوه عقلية ظنية ، لا تثبت الظهور.
مثلاً إذا دار الأمر في قوله سبحانه : (وَاسْئَلِ الْقَرْيَةِ الّتي كُنّا فِيها)[٢] بين إضمار لفظ « أهل » ، أو استعمال
القرية في غير معناها الحقيقي فقد ذكروا لكلّ وجهاً غير مقنع ، فالبحث عن هذه
الوجوه ونقدها إضاعة للعمر والمتّبع لدى أهل المحاورة هو الظهور فإن تحقّق فهو
وإلاّ فلا تعتبر ، لأنّ هذه الوجوه ، علل فكريّة ، أشبه بأُمور عقلية بعيدة عن
الأذهان العرفية ، فلا يلتفت إليها العرف الدقيق حتى يثبت بها الظهور للكلام.