فلما عاد ابن الزبير إلى أمه سألها عن بُردَي عَوسجة ؟ فقالت : ألم أنهك عن ابن عباس، وعن بني هاشم ! فانهم كُعُمُ[1] الجواب اذا بدهوا ، فقال : بلى وعصيتك ، فقالت : يا بُني احذر هذا الأعمى الذي ما اطاقته الإنس والجن، واعلم أنّ عنده فضائح قريش ومخازيها بأسرها; فإيّاك وإيّاه آخر الدهر .
وهذه القضية تشهد على ابن الزبير بالكفر من وجوه عديدة لاتخفى، وليت شعري لِمَ لَمْ يوجد هذا التكاذيب والتخاصم سقوط أخبارهما عن درجة الحجية والاعتبار عند العامة، وأوجب مجرد ردّ هشام بن الحكم على هشام بن سالم مع عدم العلم بحقيقة سقوط أخبارهما جميعاً عن الاعتبار والحجية ، كما ذكره المتعصب الكابلي .
وفيها أيضاً شهادة على ان ابن عباس الملقّب بترجمان القرآن عند القوم ، والذي عقد البخاري باباً في مناقبه وروى في حقه : أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ دعا له بان يعلّمه الله الحكمة، يرى حلّية المتعة.
وأما اقدام ابن الزبير على سبّ أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ فيعلم تفصيله من الرجوع إلى تاريخ روضة الاحباب وهو من التواريخ المعتبرة للقوم .
عبدالله بن الزبير وخدعته لعائشة
وأما ما وقع منه في وقعة الجمل : فقد ذكر السمعاني في الانساب في نسبة الحوأبي وورد في حديث عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس ان
[1] كعم البعير: شدَّ فاه لئلا يعض أو يأكل ; والكعام: ما يجعل على فمه، والجمع: كعم، والمعنى أنّهم ذوو أجوبة مسكتة مخرسة، تلجم أفواه مناظريهم .