نام کتاب : تاريخ مدينة دمشق نویسنده : ابن عساكر جلد : 3 صفحه : 349
قال : قلت : صف لي منطق رسول الله عليه الصّلاة والسلام قال :
كان متواصل الأحزان ، دائم الفكر ، ليست له راحة طويل السكت لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ، ويتكلم بجوامع الكلم ، لا فضول ولا يقصر ، ليس بالجافي [١] ولا المهين ، يعظّم النعمة ، وإن دقّت لا يذم فيها شيئا غير أنه لم يكن ذواقا ، ولا تغضبه الدنيا وما كان منها [٢] فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها يضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى فإذا غضب أعرض وأشاح ، فإذا فرح غض طرفه ، جلّ ضحكه التبسم ويفترّ عن حبّ مثل الغمام.
قال الحسن : فحدّثت به الحسين فوجدته قد سبقني إليه فسألته عما سألته فوجدته قد سأل أباه رضي الله تعالى عنهما عن مدخل النبي 6 ومخرجه وشكله ومجلسه ـ أو قال : وسكته ـ ولم يدع منها شيئا.
قال الحسين : فسألته عن دخول رسول الله 6 فقال :
كان دخوله لنفسه مأذون له في ذلك ، وكان إذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزأ لله تعالى ، وجزأ لنفسه ، وجزأ لأهله ، ثم جزّأ جزءه بينه وبين الناس فردّ ذلك عن العامة بالخاصة ، ولا يدخر عنهم [٣] شيئا فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار [أهل][٤] الفضل بإذنه ، وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة [ومنهم ذو الحاجتين][٥] ، ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ، ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألتهم وإجرائهم بالذي ينبغي لهم ، ويقول : ليبلّغ الشاهد الغائب ، أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغ حاجته ، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر إبلاغها أثبت الله قدميه يوم القيامة ، لا يذكر عنده إلّا ذلك ولا يقبل من أحد قبله غيره ، يدخلون روّادا [٦]