الطوال بمن عدا زيد الطويل المأمور بإكرامه و ثانيهما حمل قوله أكرم على الاستحباب الّذي هو معنى مجازي للأمر فذهب العلامة في النهاية و التهذيب و المبادي و ابنه في شرح المبادي و صاحب غاية البادي و المحقق الدّواني و البيضاوي في المنهاج و شارحيه العبري و الأصفهاني إلى أولوية التخصيص و لعلّه المشهور بين الأصوليين و ربما يظهر من صاحب لم المخالفة و التوقف في التّرجيح و هو ضعيف بل المعتمد الأوّل لوجوه الأول أن الظاهر اتفاق أصحابنا عليه كما لا يخفى على من تتبع طريقتهم في مقام الاستدلال و هو حجّة لأن أقلّ ما يحصل منه الظن بصحة المتفق عليه و هو حجّة في نحو هذه المسائل على أنا ندعي حصول العلم منه بذلك الثّاني أن ذلك ممّا جرت به عادةأهلاللّسان كما لا يخفى فيجب الأخذ به لظهور اتفاق علماء الإسلام على اعتبار ما جرت به عادتهم و يؤيّده قوله تعالى ما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه الثالث أن التخصيص أغلب من المجاز فيجب ترجيحه أمّا المقدّمة الأولى فظاهرة و كفي بها شاهدا ما اشتهر حتى صار مثلا ما من عام إلاّ و قد خصّ و يؤيده أمران أحدهما تصريح جدي رحمه الله و غيره بذلك و اعترف به في المعالم أيضا و لهذا يتعجب منه في توقفه في المسألة و ثانيهما أنّه أتم فائدة دون المجاز و كلّ ما هو كذلك فهو الغالب أمّا الأول فلوجوه منها أن اللّفظ عند التخصيص يبقى معتبرا في الباقي من غير احتياج إلى تأمل و اجتهاد و لا كذلك المجاز إذ قد تصرف القرينة اللّفظ عن المعنى الحقيقي و لا تنهض لتعيين المراد فيحصل الإجمال و منها أن المقصود يحصل مع التخصيص على تقدير وجود القرينة الدّالة عليه و عدمه أمّا على الأول فظاهر و أما على الثاني فلأنّه يجري اللفظ على عمومه فيندرج فيه المراد و غيره بخلاف المجاز فإنه على تقدير عدم القرينة على المراد يحمل اللّفظ على حقيقته الّتي قد لا تكون مقصودة و يترك المعنى المجازي مع كونه مقصودا و منها أن المجاز يحتاج إلى ملاحظة العلاقة دونه كذا قيل و أما الثّاني فلأن أرباب اللّغة لا يتركون ما هو أتم فائدة غالبا و أما المقدّمة الثّانية فلما ثبت من لزوم الأخذ بالغالب و قد اشتهر بين الأصوليين أن المشكوك فيه يلحق بما هو الغالب لا يقال التخصيص نوع من المجاز فكيف يترجّح على مثله لأنا نقول لا بعد في ذلك و مجرّد الاشتراك في التسمية لا يمنع من الترجيح بل يجب المصير إليه حيث يقوم دليل عليه كما بينّاه هنا و ينبغي التّنبيه على أمرين الأوّل لا فرق بين التّقييد و التخصيص فيما ذكر فإذا تعارض المجاز و التقييد كما في قوله أعتق رقبة أعتق رقبة مؤمنة كان التقييد أولى أيضا و الحجة فيه الوجوه المتقدمة أيضا كما لا يخفى الثّاني إذا بلغ التخصيص حدا يخرج معه أكثر أفراد العام و يبقى الأقل منها فلا إشكال في رجحان المجاز المتعارف عليه أمّا على القول بعدم جواز تخصيص العام إلى الأقل من النّصف فواضح و أما على القول بجوازه فلأن مثل هذا التخصيص بالنّسبة إلى هذا المجاز في غاية القلّة بل لا يكاد يوجد و قد بيّنا أن الأخذ بما هو الأغلب عند التّعارض متعيّن لا يقال كل من قدم التخصيص على المجاز قدّمه مطلقا و لم يفصّل فهذا التّفصيل خرق للإجماع المركب لأنا نقول هذا ممنوع بل الظاهر انصراف قول الجماعة بأولوية التخصيص إلى الغالب منه و هو غير محلّ البحث كما لا يخفى و لا يبعد إلحاق التقييد المستلزم لإخراج أكثر أفراد المطلق بالتخصيص المفروض فيترجح المجاز المتعارف عليه مفتاح إذا تعارض التخصيص و الإضمار و دار الأمر بينهما كما في قوله أكرم العلماء و لا تكرم زيدا العالم فإنه يجوز تخصيص العلماء بمن عدا زيد العالم و يجوز أيضا إضمار لفظ الوالد في لا تكرم زيدا العالم كان التخصيص أولى أمّا على القول بكون المجاز خيرا من الإضمار كما عليه جماعة فواضح لأنا بيّنا أن التخصيص أولى من المجاز فيلزم أن يكون خيرا من الإضمار المرجوح بالنسبة إلى المجاز كما لا يخفى و أمّا على القول بتساوي المجاز و الإضمار كما عليه جماعة أخرى فكذلك لأن الأولى من أحد المتساويين أولى من الآخر أيضا و أمّا على القول برجحان الإضمار على المجاز كما عليه بعض فلأن التخصيص أغلب و المراد به هنا الأعم من التقييد كما سبق و إذا بلغ التخصيص حدّا يخرج معه أكثر الأفراد فالظاهر رجحان الإضمار و يحتمل إلحاق التقييد به إذا كان كذلك مفتاح إذا تعارض التخصيص و الاشتراك و دار الأمر بينهما كما في ألفاظ العموم فإنه لو قيل بكونها حقيقة في العموم فقط كان اللازم ارتكاب التخصيص إذا ورد ما ينافيه كما هو الغالب و لو قيل بكونها مشتركة بين العموم و الخصوص لم يلزم التخصيص إذا ورد ذلك بل كان قرينة على تعيين أحد معاني المشترك كان اللاّزم ترجيح التخصيص على الاشتراك كما صرّح به في التهذيب و هو واضح على القول برجحان التخصيص على المجاز و برجحان المجاز على الاشتراك لأنه إذا كان خيرا من المجاز و كان المجاز خيرا من الاشتراك كان هو خيرا من الاشتراك قطعا و أما على القول بالتّساوي بين المجاز و الاشتراك فاللازم أيضا ترجيح التخصيص إذا كان التّخصيص راجحا على المجاز لأنّ الراجح على أحد المتساويين يستلزم أن يكون راجحا على الآخر نعم يشكل الأمر على القول برجحان الاشتراك على المجاز إلاّ أن يدعي حينئذ غلبة التخصيص على الاشتراك و كيف كان فهو قول مرغوب عنه و المراد بالتخصيص هنا أيضا الأعم من التقييد و إذا استلزم التخصيص خروج أكثر أفراد العام فلا يبعد ترجيح الاشتراك عليه حينئذ و هل يلحق به التقييد إذا كان كذلك فيه إشكال مفتاح إذا تعارض التخصيص و النقل و دار الأمر بينهما كما في لفظ البيع المعلق عليه أحكام شرعيّة