إذا اختلفا فلا وجه لذلك كما هو المفروض و أما لزوم التسلسل فهو إنما يكون بواسطة إلزام اختلاف الأنظار العرفية و الشرعية كما لا يخفى و أما الحكم بالخطاء فقد عرفت أنه لا يجدي فيما لا فرق في الصدق بعده و قبله و بالجملة فلا نعلم وجها لتصحيح ما أفاده الشهيد رحمه الله و لعل اللّه يحدث بعد ذلك أمراً و مما ذكرنا يظهر أن النزاع لا يجري في ألفاظ المعاملات و اللّه الهادي إلى سواء السبيل و الموفق هداية قد تقدّم منا الإشارة إلى ما هو المراد بلفظ الصحيح و نزيد توضيحا في المقام فنقول ليس المراد به ما هو المنسوب إلى الفقهاء من أن الصحيح ما هو أسقط القضاء أو إلى المتكلمين من أنه ما وافق الشريعة إذ الصحة على الوجهين من الصفات الاعتبارية المنتزعة عن محالها بعد تعلق الأمر بها و لا يعقل أن يكون داخلا في الموضوع له بل المراد به الماهية الجعلية الجامعة للأجزاء و الشرائط التي لها مدخل في ترتب ما هو الباعث على الأمر بها عليها و يعبر عنه بالفارسية بدرست و هو معناه لغة و قد ذكرنا في محله أن الفقهاء و المتكلمين أيضا لم يصطلحوا على إبداع معنى جديد غير ما هو المعهود منه في اللغة و عن الوحيد البهبهاني أنه نسب إلى القوم أنهم غير قائلين بدخول الشرائط فهم أعمّيّون بالنسبة إلى الشرائط و هو غير ثابت مضافا إلى ما هو المعروف بينهم من أن قوله لا صلاة إلا بطهور لا إجمال فيه على القول بالصحيح فإن الطهور من جملة الشرائط و اعتباره جزء يوجب سقوط التفصيل كما لا يخفى ثم إن المراد من الأجزاء و الشرائط هل هي الشخصية أو النوعية يعني أن المراد منها ما هي ثابتة في حق القادر المختار العامد العالم أو ما هي واجبة على المكلفين المختلفين حسب اختلاف الموضوعات من الجهل و النسيان و الاضطرار و الاختيار و العلم و العمد و نحوها وجهان غير خاليين عن محذور و إشكال إذ على الأول يلزم أن لا يكون غيره من الأفعال الواق عة عن المكلفين في هذه الموضوعات صلاة على وجه الحقيقة و تكون إبدالا عنها مسقطا لها و التزامه و إن كان مما لا يستلزم محالا إلا أنه بعد في غاية الإشكال و على الثاني فإما أن يكون لفظ الصلاة مقولا بالاشتراك اللفظي على تلك الماهيات المختلفة أو بالاشتراك المعنوي و الأول فساده ظاهر و الثاني غير معقول في وجه و مستلزم لمحذور في وجه آخر بيان ذلك أن القدر الجامع بين تلك الماهيات لا بد و أن يكون بحيث يوجد في كل منها إذا وقعت صحيحة و منتفية إذا وقعت فاسدة و قد يكون الصحيحة من المكلف بعينها فاسدة من آخر فصلاة المريض تصح بدون القيام و هي فاسدة و صلاة ناسي القراءة كذلك كصلاة الغريق و المطاردة و المسايفة و نحوها كالمراماة فذلك القدر الجامع لا يعقل أن يكون أمرا مركبا موجودا في تلك الماهيات لما عرفت من أنه كل ما يتصور جامعاً فيحتمل أن يكون ذلك المركب فاسدا و صحيحاً بالنسبة إلى موضوعين فلا محالة لا بد من أن يكون ذلك القدر الجامع أمرا بسيطا يحصل في الواقع بواسطة تلك الأفعال المركبة الخارجية و يكون هذه المركبات محققة له إذا وقعت صحيحة دون ما إذا وقعت فاسدة و هو إما أن يكون هو المطلوب أو ما هو في مرتبته و إما أن يكون ملزوماً مساويا للطلب و الأول غير معقول ضرورة توقفه على الموضوع و لا يعقل أن يؤخذ في الموضوع ما هو موقوف عليه مضافا إلى استلزامه ترادف الصلاة و المطلوب و هو بديهي الفساد و مع ذلك فيرد عليه ما ستعرفه و الثاني مناف لذهاب المشهور القائلين بالوضع للصّحيح إلى جواز التمسك بأصالة البراءة بل و قد ادعي الإجماع على جوازه و توضيحه أن دوران الأمر بين الأقل و الأكثر يتصور على وجهين أحدهما أن لا يعلم عنوان المكلف به بوجه الثاني أن يكون العنوان معلوماً و إنما الشك في حصول ذلك العنوان في ضمن الأقل أو الأكثر فعلى الأول فالمشهور كما هو التحقيق عندنا على البراءة و على الثاني فاللازم هو الاحتياط للقطع بالمكلف به مع الشك في حصوله في الخارج مضافا إلى أصالة عدم حصول ذلك المفهوم المعين بهذه الأفعال في الخارج كما في الطهارة على القول بعدم إجمالها فإنه إذا شك في حصولها بالغسل مرة أو مرتين يجب الاحتياط في ذلك و لعله لم نجد مخالفا فيه بعد تسليم الصغرى و العمدة في إثبات الأخذ بالبراءة عند الشك في الشرطية و الجزئية هو ملاحظة هذه المقدمة فإن نظر القائل بالاشتغال إلى أن الصّلاة معلومية العنوان إنما هو عنوان للمكلف به فيجب العلم بحصوله في الخارج و نظر القائل بالبراءة أن الصّلاة إذا كانت مجملة غير معلومة المعنى و المراد ليست عنوانا بل إنما الواجب هو أمور خاصة كالتكبير و الركوع و القراءة و نحوها و التعبير عنها بالصلاة إنما يجدي إذا كانت تلك الأجزاء هي الصلاة و بعد ما فرض العلم بها و إجمالها إنما يكون تعبيرا صوريّا كما أوضحنا سبيله في محله و إذ قد تقرر ذلك نقول إن الالتزام بوجود قدر مشترك بسيط بين تلك الماهيات المختلفة كالماهية المبرئة للذته أو التركيب الّذي ينهى عن الفحشاء و المنكر بالخاصية و نحو ذلك و قلنا بأن الصلاة إنما هي موضوعة له في الواقع يوجب المصير إلى الاشتغال عند الشك في الشرطية أو الجزئية لأن مرجع الشك إلى أن تلك الأفعال الواقعة في الخارج هل أوجب حصول ذلك الأمر البسيط و سقوط الاشتغال أو لا بعد القطع بوجوب تحصيل ذلك الأمر و هذا هو بعينه مورد الاشتغال و الاحتياط اللازم لا يقال إن مجرد العلم بوجود قدر مشترك بسيط لا يوجب ذلك بل لو كان معلوما على وجه التفصيل و المفروض إجمال اللفظ و عدم العلم بالموضوع له و كل ما يتصور من العناوين كالمبرئ و غيره فإنما هو أمر يحتمل أن يكون هو الموضوع له لا أنه هو لأنا نقول لا فرق في ذلك بين العلم الإجمالي و التفصيلي فمتى علم بوجوب أمر و اشتغال الذمة به وجب تفريغ الذمة عنه قطعا و هذا هو المراد بالمحذور فالوجه في المقام هو الالتزام بأن المراد من الأجزاء و الشرائط الشخصية منها و أما ما عرفت من الإشكال على ذلك التقدير من لزوم استعمال اللفظ في غير المركب الجامع للشرائط الواقعية الاختيارية مجازا فيمكن دفعه بأن المتشرعة توسعوا في سميتهم إياها صلاة فصارت