الاستعمال حقيقياً و استعمالا في الموضوع له تقدم الوضع على الاستعمال، بل غاية يقتضيه ذلك هو أن لا يكون الوضع متأخراً عن الاستعمال، فيكفي في كون الاستعمال حقيقياً مقارنة الوضع معه زماناً، و المفروض ان الوضع و الاستعمال في مقامنا هذا كذلك، و ان كان الاستعمال مقدماً عليه طبعاً و رتبة باعتبار انه جزئه أو قيده، إلا انه لا يوجب تقدمه عليه زماناً. و قد تحصل من ذلك بوضوح ان هذا الاستعمال استعمال في الموضوع له و لو قلنا بان الوضع يتحقق بنفس ذلك الاستعمال، و انه الجزء الأخير و المتمم لتحققه و كيف كان فقد ذكر صاحب الكفاية - قده - ما نصه: فدعوى الوضع التعييني في الألفاظ المتداولة في لسان الشارع هكذا قريبة جداً، و مدعى القطع به غير مجازف قطعاً، و يدل عليه تبادر المعاني الشرعية منها في محاوراته ثم يؤيد ذلك بعدم وجود علاقة معتبرة بين المعاني الشرعية و اللغوية في بعض الموارد... إلخ. و هذا الّذي ذكره هو الصحيح. ثم قال - قدس سره - «هذا كله بناء على كون معانيها مستحدثة في شرعنا، و أما بناء على كونها ثابتة في الشرائع السابقة، كما هو قضية غير واحد من الآيات مثل قوله تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب... إلخ) و قوله تعالى: (و اذن في الناس بالحج) و قوله تعالى: (و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حياً) إلى غير ذلك، فألفاظها حقائق لغوية لا شرعية، و اختلاف الشرائع فيها جزء و شرطاً لا يوجب اختلافها في الحقيقة و الماهية، إذ لعله كان من قبيل الاختلاف في المصاديق و المحققات، كاختلافها بحسب الحالات في شرعنا، كما لا يخفى. انتهى» و هذا الّذي أفاده - قده -. يمكن الجواب عنه بوجهين. (الوجه الأول): ان ثبوت هذه المعاني في الشرائع السابقة لا يضر بثبوت الحقيقة الشرعية في شرعنا، ضرورة ان مجرد الثبوت هناك لا يلازم التسمية بهذه