بأصالة عدم حركة العين و بأصالته للأول فيرجح على الفرع و قد يتطرق هذان الوجهان في اللفظ المسموع إذا شك في حركته و لو لتطرق النسيان إليه و الأخير خاصة فيما إذا تساوى الأصل و الفرع هيئة كفلك مفرد أو جمعا و إن اختص الاختصاص بأحد المعنيين أو الاشتهار فيه بعرف أحدهما و بالآخر في عرف الآخر ففي الحمل على ما يقتضيه عرف المتكلم و المخاطب أو الوقف وجوه هذا إذا علم بعلم المتكلم يعرف المخاطب أو جهل به و إن علم بعدم علمه حمل على مقتضى عرف المتكلم بلا إشكال كما أنه يحمل على عرف المخاطب إذا علم بعلم المتكلم بعدم علمه بعرفه و إن كان الثاني فإن علم سبق النقل على الاستعمال أو العكس فلا كلام و إلا أمكن ترجيح المعنى المنقول منه مع العلم بتاريخ الاستعمال و المعنى المنقول إليه مع العلم بتاريخ النقل أخذا بأصالة تأخر الحادث ما لم يعتضد خلافه بشواهد خارجية و من هنا وقع النزاع في الألفاظ التي وردت مستعملة في الشرع مما تعارض فيه العرف و اللغة فقيل بتقديم اللغة للأصل و قيل بتقديم العرف بدلالة الاستقراء و هو قوي
ثم لللفظ أحوال خمسة معروفة
مخالفة للأصل هي المجاز و الاشتراك و النقل و التخصيص و الإضمار فلا يصار إليها إلا لدليل فإن اقتضى الدليل بعضا منها معينا توبع مقتضاه و إن اقتضى بعضا منها لا بعينه فهذه صور تعارض الأحوال و التعارض يقع في مادة واحدة فصاعدا بين حالتين منها فصاعدا فإن دار الأمر بين المجاز و الاشتراك قدم المجاز لكثرته أنواعا و أفرادا و سعة و استغنائه عن تعدد الوضع الغير الثابت و أما الرخصة أو الوضع الثانوي أو التأويلي على القول بتوقف صحة المجاز عليه فهو أمر ثابت لا سبيل إلى نفيه فلا يعارض حدوث الوضع المحتمل و قد يرجح المجاز باستغناء حقيقته عن القرينة و أبلغيته و أوفقيته بالطبع مع ما فيه من تيسر بعض أنواع البديع فيعارض بأبعدية الاشتراك عن الخطإ أو مع عدم القرينة أو خفائها يتوقف و في المجاز يحمل على الحقيقة فيؤدي إلى خلاف المقصود باطراد الاشتراك و صحة الاشتقاق منه بالمعنيين إذا كان مما يشتق منه و في هذا نظر و استغنائه عن الحقيقة و العلاقة و ليس فيه مخالفة ظاهر مع أن المشترك أيضا قد يكون أوفق بمقتضى الحال حيث يتعلق القصد بالإجمال و يتيسر به أيضا بعض أنواع البديع و لا خفاء في أن هذه الوجوه مع معارضتها بالوجوه المتقدمة لا يصلح لإثبات الوضع لأن مرجعها إلى مجرد الاستحسان و إذا دار بين النقل و الاشتراك رجح الاشتراك لانفراد النقل عن الاشتراك بعد مشاركتهما في الحاجة إلى تعدد الوضع بالاحتياج إلى هجر المعنى الأول مع أصالة عدمه و عدم احتياج الاشتراك إليه هذا إذا أريد بالمنقول المنقول بالغلبة و الهجر كما هو الظاهر و لو أريد ما وضع للمعنى الثاني لمناسبة المعنى الأول من غير بناء على الهجر أو حصوله أمكن ترجيح الاشتراك أيضا بأصالة عدم هذه الملاحظة و منه يظهر رجحان الاشتراك على الارتجال أيضا هذا و قد يرجح النقل بأن الاشتراك يقتضي تعدد الحقيقة فيختل الفهم دون النقل و هو استحسان لا سبيل إلى إثبات اللغات به و إذا دار بين الإضمار و الاشتراك رجح الإضمار لأن وجوب الإضمار من توابع عدم الاشتراك و لوازمه بالنسبة إلى بعض موارد الاستعمال فلا يصلح لمعارضته و قد يعارض ذلك بأن الاشتراك أغلب من الإضمار فيرجح عليه و هذه الغلبة على تقدير تسليمها ليست بحيث تصلح لمكافأة ما مر و إذا دار بين التخصيص و المجاز رجح التخصيص لكثرته و شيوعه بالنسبة إلى المجاز و إن قلنا بأنه منه إذ المراد بالمجاز هنا ما عدا التخصيص بقرينة المقابلة و التقييد هنا في حكم التخصيص بل أولى منه و لهذا يرجح عليه حيث يدور الأمر بينهما لأن عموم التخصيص وضعي فيرجح على ما عمومه حكمي و إذا دار بين التخصيص و الاشتراك رجح التخصيص لرجحانه على المجاز الراجح على الاشتراك و إذا دار بين المجاز و النقل رجح المجاز لرجحانه على الاشتراك الراجح عليه و إذا دار بين الإضمار و النقل رجح الإضمار لرجحانه على الاشتراك الراجح على النقل و إذا دار بين المجاز و الإضمار قيل بتساويهما لاحتياج كل منهما إلى القرينة و يمكن ترجيح المجاز لغلبته و إذا دار بين التخصيص و الإضمار فالترجيح للتخصيص لغلبته و اعلم أن كلا من التخصيص و المجاز و الإضمار قد يكون قريبا في نوعه و قد يكون بعيدا فيه فيعتبر ما قررناه من الترجيح في كل من النوعين أو الأنواع بالنسبة إلى المماثل في نوعه أو الأدون و أما القريب من مرجوح النوع و البعيد من راجحه فلا يجري فيه إطلاق ما ذكر بل لا بد من ملاحظة جهتيه مع جهتي الآخر و اعتبار الترجيح فقد يرجح بعيد النوع على بعيد الشخص إذا زاد بعده على بعد الآخر و قد يتوقف مع التساوي و الأمر في ذلك موكول إلى النظر و لا سبيل فيه إلى الضبط و كذا الكلام فيما إذا دار الأمر بين مجازين أو تخصيصين أو إضمارين في مورد واحد أو موردين فيتوقف مع التساوي و يرجح مع الاختلاف نعم إذا ورد خطابان و قام الدليل على أن الحكم في أحدهما بالخصوص خاص فاحتيج إلى ارتكاب التخصيص أو التجوز أو الإضمار فيه و أمكن التخلص عنه بارتكابه في الآخر فالظاهر قصر المتصرف على مورد الدليل و سيأتي بيان ذلك في مبحث التخصيص و اعلم أن حجية ظواهر الألفاظ موضع وفاق و عليه مبنى التفهيم و التفاهم في المحاورات قديما و حديثا و لا فرق بين الظهور المستند إلى نفس اللفظ كالحقيقة أو إلى القرائن الحالية أو المقالية و لا بين الألفاظ الملفوظ بها و المكتوبة و أما ظواهر الكتابة حيث يكون المرسوم محتملا للفظين أو
ألفاظ و يكون بعضها أظهر فالظاهر جواز التعويل عليها أيضا فيما وضع للإفادة و الاستفادة لا سيما إذا انقطع طريق التعيين كما في كتب الأخبار و الفتاوى إذ لو أريد بها ما هو خلاف الظاهر لنبه عليه لئلا تفوت الفائدة في تدوينها أو يلزم الإغراء بالجهل و من هذا الباب حديث الماء يطهر و لا يطهر فإن فيه وجوها تسعة أظهرها أن يكون الأول مبنيا للفاعل و الثاني للمفعول و كذلك حديث الدنيا رأس كل خطيئة فإن الظاهر أن الدنيا كلمة و رأس كلمة و إن احتمل بعيدا