وثانيهما تركه من غير جهة الدخول كالطيران في السماء في ظرف الدخول وكان الثاني مما اضطر إليه من الازل في علم الباري عز اسمه فقهرا ما هو المنهى عنه لا يكون الا ذاك النحو من الترك الاختياري والا فالترك الآخر من جهة اضطراره إليه ازلا لا يكون منهيا عنه اصلا وحينئذ فإذا دخل الغصب بسوء اختياره فقد سقط نهيه المنجز عليه بالعصيان وبدخوله فيه صار مستحقا للعقاب، واما بعد دخوله فيه لا يكون له تكليف بترك الغصب من الازل لاضطراره إليه فإذا لم يكن مكلفا بترك الغصب حينئذ من غير جهة ترك الدخول فلا يكون صدوره عنه مبعدا ايضا ومع عدم كونه مبعدا فله الاتيان بالصلوة التامة المشتملة على القيام والركوع والسجود كما في الاضطرار لاعن سوء الاختيار حرفا بحرف، هذا. ولكن مع ذلك لا تخلو المسألة عن اشكال ينشأ من كفاية مطلق المقدورية ولو بالواسطة في توجيه التكليف بشئ إلى المكلف فيقال حينئذ بانه بعد ان كان له القدرة على ترك البقاء في الغصب ولو بتركه للدخول فيه كان هذا المقدار كافيا في توجه النهى عن الكون البقائي إليه وتنجزه عليه فيكون البقاء فيه حينئذ كالدخول منهيا عنه من الازل قبل الدخول فيه، وعليه فبالدخول وان سقط نهيه المنجز عليه الا انه حيثما كان بالعصيان يبقى تبعته فيوجب كون ما يصدر عنه من الاكوان مبغوضا ومبعدا له ولازمه هو خروج تلك الاكوان عن الجزئية للصلاة فينتهى امر صلاته حينئذ إلى اشارات قلبية في فرض غصبية مجموع الفضاء والارض دون الصلاة التامة للمختار، وحينئذ فان تمت السيرة والاجماع المدعى في المقام على كون تكليفه صلاة المختار التامة فهو والا فلابد بمقتضي القواعد كما عرفت من المصير إلى كون وظيفته نظير صلاة الغرقى باشارات قلبية في ركوعه وسجوده. نعم لو تاب حينئذ امكن دعوى وجوب صلاة المختار التامة نظرا إلى ان التوبة كانت مزيلة لاثر العصيان السابق وتجعله كان لم يكن فكان كمن اضطر إلى الغصب لاعن سوء الاختيار. ولكن الاستاد دام ظله استشكل في ذلك ايضا مدعيا لان التوبة انما تجدي في رفع اثر العصيان إذا لم يكن المكلف في حال التوبة مشغولا بالعصيان، وفى المقام لما كان مشغولا بارتكاب الغصب حال التوبة فلا تجديه في الخروج عما تقتضيه القواعد. وكيف كان فمما ذكرنا ظهر الحال ايضا فيما لو ضاق الوقت وتمكن من الخروج حيث