عن الشيء مع الشك في وجوده، فلا بد من إعمال عناية، بأن يكون المراد من التجاوز عن الشيء هو التجاوز عن محله على طريقة المجاز في الكلمة، أو في الإسناد، أو في الحذف، بأن يراد من الشيء محله، أو يسند التجاوز إليه بالإسناد المجازي، أو يقدر المضاف و هو لفظ المحل، فالجمع- بين القاعدتين في جعل واحد- يستلزم الجمع بين المعنى الحقيقي و العنائي، و هو لا يجوز.
و يظهر الجواب عن هذا الاستدلال مما ذكرناه: من أن الشك في الصحة دائماً ناشئ من الشك في وجود الجزء أو الشرط، فالتجاوز في مورد قاعدة الفراغ أيضا هو التجاوز عن محل الشيء المشكوك فيه، سواء كان جزءاً أو شرطاً، فلا فرق بين قاعدة الفراغ و التجاوز من هذه الجهة، و لا يلزم الجمع بين المعنى الحقيقي و العنائي.
(الوجه الرابع)- ما ذكره المحقق النائيني (ره) أيضا، و هو أن الجمع- بين القاعدتين في جعل واحد- يستلزم التدافع بينهما فيما إذا شك في جزء بعد الدخول في جزء آخر، و لا يلزم ذلك لو كانتا مجعولتين بالاستقلال. (بيان ذلك):
أنه إذا شك في الركوع مثلًا بعد الدخول في السجود، كان مقتضى مفهوم قاعدة الفراغ الاعتناء بالشك و الإتيان بالمشكوك فيه، لكونه قبل الفراغ من الصلاة. و قد صرح بهذا المفهوم في قوله عليه السلام: «إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» و مقتضى منطوق قاعدة التجاوز عدم الاعتناء بهذا الشك، لكونه شكاً بعد الدخول في الغير، و بعد التجاوز عن محل المشكوك فيه على الفرض. و هذا هو التدافع. و اما على تقدير كون القاعدتين مجعولتين بالاستقلال فلا محذور، إذ يقدم منطوق قاعدة التجاوز على مفهوم قاعدة الفراغ بالحكومة أو بالتخصيص، لأن أدلة قاعدة التجاوز واردة في موارد مفهوم قاعدة الفراغ، فلو لم تقدم قاعدة التجاوز على مفهوم قاعدة الفراغ، لم يبق لقاعدة التجاوز مورد. و بعد تقديم قاعدة التجاوز و الحكم بتحقق الركوع