أرباب الشريعة مع القرينة، إذا وصلت إلى حدّ صارت حقيقة فيه، و موضوعة له، تكون مقابل الحقيقة اللغويّة، و لا نريد من «الحقيقة الشرعيّة» إلاّ ذلك؛ أي حدوث الربط الوضعيّ في محيط الشرع و التقنين.
هذا هو التحقيق في المسألة، و لا يلزم- بناءً عليه- حصر الوضع بالاستعمال في المقام [1]، حتّى يقال بامتناعه [2]، كما عرفت تفصيله.
فعلى هذا، إنكار الحقيقة الشرعيّة في غاية الإشكال؛ بداهة أنّ ألفاظ الطهارات الثلاث، موضوعة لمعانٍ خاصّة؛ أي منصرفة بالوضع التعيّني إليها، و هكذا كثير من الألفاظ التي أُريد منها المعاني المركّبة.
فبالجملة: لا شبهة في احتياج القوانين و الشرائع إلى المصطلحات الخاصّة؛ حتّى العرفية منها، و ليست هي إلاّ بمعنى أنّها ألفاظ ظاهرة في المعنى الخاصّ، و هذا لا يكون إلاّ من الحقيقة الشرعيّة؛ لأنّ استعمال الألفاظ في الخصوصيّات اللاحقة بالمعاني الكلّية مجاز، و إذا كان بحدّ شائع في الشريعة يصير حقيقة فيه، و الألفاظ المستعملة في الشريعة من هذا القبيل، كما هو الظاهر الواضح.
و أمّا احتمال الحقيقة الشرعيّة بالوضع التعيينيّ بكلا قسميه، فبعيد و باطل جدّاً؛ لعدم مساعدة الوجدان معه.
و أمّا احتمال حدوث الألفاظ المستعملة في الماهيّات السابقة على الشريعة المقدّسة الإسلاميّة أيضا فممنوع؛ للزوم اشتمال الكتاب على ما لا يفهمه المخاطبون في عصر الخطاب، فالالتزام بالحقيقة الشرعيّة في أوّل الإسلام غير موافق للذوق السليم، و لكنّه بعد الاستعمالات الرائجة و الإطلاقات الكثيرة، تحصل