و لقد أرسلت
إليك رسالة- أيّها الشيخ- نظمت و أنا طائر بجناح السفر فرائدها، و جمعت قبل
استقرار الحضر شواردها، و تألّف منها- و للّه الحمد- عنقود حلوّ العصر، أو عقود
مرصّعة تصرع مصارعها من بلغاء العصر، بل لو أنّ سحبان سبح بفصاحته على السحاب،
لحبس عن معارضتها بمحاسن لم تكن له في حساب، و أمّا جرير فغير حريّ إذا جرت أو
جرّت ذيلا على أن يجري مجراها، و أمّا الحريريّ فحريّ أن يحور حائرا إذا باراها. و
كيف لا آتي مثل ذلك و قد يسّر اللّه لي التشرّف بدولة صافية المشارع، ضافية
المدارع، ماتعة الظلّ، واقعة الطلّ، بحورها زاخرة، و بدورها زاهرة، ذات سعادات وافية،
و إرادات كافية، مساعدة الآمال، واردة الإقبال، دولة من يولي المغانم، و يؤدي
المغارم، و يشفي الأغلال، و يزيل الإقلال، و يطيل الإقبال، و يعرف المنازل و يكشف
النوازل، دولة ليث حام، و غيث هام.
شعرا
فحريق حمرة
سيفه للمعتدي
و رحيق
خمرة سيبه للمقتدي
يعتقد الجلال،
و ينتقد الرجال، زمانه محمود، و مكانه[1]، له شمول إنعام أزكى من
الشمول[2]،
و مقبول الرداء أقبلت به ربح القبول، أدام اللّه بدوام دولته مدد العلوم و
العطايا، و أقام بقوام نصرته أود العموم و الرعايا، و لا زال بالحقّ قائما، ما دام
للسيف قائما، و بالإنعام عاملا، ما اهتزّ للرمح عامل. و لطال ما كانت تطفح عليّ في
طريقي بشارة الإقبال و القبول، و تهزّني مسرّة الوصول إلى المأمول، فأترنّم بأبيات
يكشف عندها الهواء، و تقف لديها الأهواء، و أثبتها في رسالتي هذه ليلتئم شمسها
ببدرها، و يمتزج عذب نهرها بفائض بحرها، و تتشرّف بنظرك و مجلسك الرحيب،