(مسألة 29): لو أقرّ بالوديعة ثمّ مات، فإن عيّنها في عين
شخصيّة معيّنة- موجودة حال موته- اخرجت من التركة. و كذا لو عيّنها في ضمن مصاديق
من جنس واحد موجودة حال الموت، كما إذا قال: «إحدى هذه الشياه وديعة عندي من
فلان»، فعلى الورثة- إذا احتملوا صدقه و لم يميّزوا- أن يعاملوا معها معاملة ما
إذا علموا إجمالًا بأنّ إحداها لفلان، و الأقوى التعيين بالقرعة. و إن عيّن
الوديعة و لم يعيّن المالك كان من مجهول المالك، و قد مرّ حكمه في كتاب الخمس. و
هل يعتبر قول المودع و يجب تصديقه لو عيّنها في معيّن و احتمل صدقه؟ وجهان،
أوجههما عدمه. و لو لم يعيّنها بأحد الوجهين؛ بأن قال: «عندي في هذه التركة وديعة
من فلان»، فمات بلا فصل يحتمل معه ردّها أو تلفها بلا تفريط، فالظاهر اعتبار قوله،
فيجب التخلّص بالصلح على الأحوط، و يحتمل قويّاً العمل بالقرعة.
و مع أحد
الاحتمالين المتقدّمين ففي الوجوب تردّد لو قال: «عندي في هذه التركة وديعة».
نعم لو
قال: «عندي وديعة» من غير تعيين مطلقاً، أو مع تعيين ما و لم يذكر أنّها في تركتي،
فالظاهر عدم وجوب شيء في التركة ما لم يعلم بالتلف تفريطاً أو تعدّياً.
خاتمة
الأمانة
على قسمين: مالكيّة و شرعيّة.
أمّا
الأوّل: فهو ما كان باستئمان من المالك و إذنه؛ سواء كان عنوان عمله ممحّضاً في
ذلك كالوديعة، أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات، كما في الرهن و العارية و الإجارة
و المضاربة، فإنّ العين فيها بيد الطرف أمانة مالكيّة؛ حيث إنّ المالك قد سلّمها
إليه و تركها بيده من دون مراقبة منه، و جعل حفظها على عهدته.
و أمّا
الثاني: فهو ما لم يكن الاستيلاء عليها و وضع اليد باستئمان و إذن من المالك، و قد
صارت تحت يده لا على وجه العدوان؛ بل إمّا قهراً، كما إذا أطارتها الريح، أو جاء
بها السيل- مثلًا- في ملكه، و وقعت تحت يده. و إمّا بتسليم المالك لها بدون اطّلاع
منهما، كما إذا اشترى صندوقاً فوجد فيه شيئاً من مال البائع بدون اطّلاعه، أو
تسلّم البائع أو المشتري زائداً على حقّهما من جهة الغلط في الحساب مثلًا. و إمّا
برخصة من الشرع كاللقطة و الضالّة، و ما ينتزع من يد السارق أو الغاصب للإيصال
إلى صاحبه. و كذا ما يُؤخذ من