نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 159
وقد عرف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سبيله الذي سلكه بسبيل التوحيد ، وطريقة
الإخلاص على ما أمره الله سبحانه حيث قال : (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي
أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ
وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )
يوسف ـ ١٠٨ ، فذكر أن سبيله الدعوة الى الله على بصيرة والإخلاص لله من غير شرك فسبيله
دعوة وإخلاص ، واتباعه واقتفاء أثره إنما هو في ذلك فهو صفة من اتبعه.
ثم ذكر الله سبحانه أن الشريعة التي شرعها
له صلىاللهعليهوآلهوسلم هي الممثلة لهذا
السبيل سبيل الدعوة والإخلاص فقال : (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى
شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا)
الجاثية ـ ١٨ ، وذكر أيضاً أنه إسلام لله حيث قال : (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ
أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) آل عمران ـ ٢٠ ، ثم نسبه إلى نفسه وبين
أنه صراطه المستقيم فقال : (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي
مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ )
الانعام ـ ١٥٣ ، فتبين بذلك كله أن الإسلام ( وهو الشريعة المشرعة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي هو مجموع المعارف الأصلية والخلقية
والعملية وسيرته في الحيوة ) هو سبيل الإخلاص عند الله سبحانه الذي يعتمد ويبتني على
الحب ، فهو دين الإخلاص ، وهو دين الحب.
ومن جميع ما تقدم على طوله يظهر معنى الآية
التي نحن بصدد تفسيرها ، أعني قوله : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ
اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ) فالمراد ـ والله أعلم ـ إن كنتم تريدون
أن تخلصوا لله في عبوديتكم بالبناء على الحب حقيقة فاتبعوا هذه الشريعة التي هي مبنية
على الحب الذي ممثله الإخلاص والإسلام وهو صراط الله المستقيم الذي يسلك بسالكه إليه
تعالى ، فإن اتبعتموني في سبيلي وشأنه هذا الشأن أحبكم الله وهو أعظم البشارة للمحب
، وعند ذلك تجدون ما تريدون ، وهذا هو الذي يبتغيه محب بحبه ، هذا هو الذي تقتضيه الآية
الكريمة بإطلاقها.
وأما بالنظر إلى وقوعها بعد الآيات الناهية
عن اتخاذ الكفار أولياء وارتباطها بما قبلها فهذه الولاية لكونها تستدعي في تحققها
تحقق الحب بين الإنسان وبين من يتولى كما تقدم كانت الآية ناظرة إلى دعوتهم إلى اتباع
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إن كانوا صادقين
في دعويهم ولاية الله وأنهم من حزبه فان ولاية الله لا يتم باتباع الكافرين في أهوائهم
( ولا ولاية إلا باتباع ) وابتغاء ما عندهم من مطامع الدنيا من عز ومال بل تحتاج إلى
اتباع نبيه في دينه كما قال تعالى : (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى
شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 3 صفحه : 159