بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله الواحد الأحد الصمد المتفرد- الذي لا من شيء خلق[1] ما كون بل
بقدرته، بان بها من الأشياء و بانت الأشياء منه- فليست له صفة تنال و لا حد يضرب
فيه الأمثال- كل دون صفاته تحبير[2] اللغات، و ضل
هنالك تصاريف الصفات و حار في أداني ملكوته عميقات مذاهب التفكير، و انقطع دون
الرسوخ في علمه جوامع التفسير، و حال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب- و تاهت في
أدنى أدانيها طامحات العقول، فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم- و لا يناله غوص
الفطن- و تعالى الذي ليس لنعته حد محدود، و لا وقت ممدود و لا أجل معدود، فسبحان
الذي ليس له أول مبتدإ و لا غاية منتهى، سبحانه كما هو وصف نفسه و الواصفون لا
يبلغون نعته، حد الأشياء كلها بعلمه عند خلقه- و أبانها إبانة لها من شبهها بما لم
يحلل فيها- فيقال هو فيها كائن و لم ينأ عنها فيقال هو منها بائن، و لم يخل منها
فيقال له أين، لكنه سبحانه أحاط بها علمه و أتقنها صنعه و أحصاها حفظه- فلم يعزب
عنه خفيات هبوب الهواء و لا غامض سرائر مكنون ظلم الدجى، و لا ما في السماوات
العلى إلى الأرضين السفلى و على كل شيء منها حافظ و رقيب- و بكل شيء منها محيط
هو الله الواحد الأحد رب العالمين- و الحمد لله الذي جعل العمل في الدنيا و الجزاء
في الآخرة- و جعل لكل شيء قدرا و لكل قدر أجلا- و لكل أجل كتابا يَمْحُوا
اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ- وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ و الحمد لله
الذي جعل الحمد شكرا و الشكر طاعة- و التكبير جلالة و تعظيما
[1]. أي لم يخلق الكون من شيء إنما خلقه بقدرته
بدون شيء فلفظ« قدرته» مجرور من بواسطة العطف على« شيء». ج- ز