لَمَّا اعْتَلَّ بَعَثَ إِلَى أَبِي أَنَّ ابْنَ الرِّضَا قَدِ اعْتَلَّ فَرَكِبَ مِنْ سَاعَتِهِ فَبَادَرَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ ثُمَّ رَجَعَ مُسْتَعْجِلًا وَ مَعَهُ خَمْسَةٌ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كُلُّهُمْ مِنْ ثِقَاتِهِ وَ خَاصَّتِهِ فِيهِمْ نِحْرِيرٌ[1] فَأَمَرَهُمْ بِلُزُومِ دَارِ الْحَسَنِ وَ تَعَرُّفِ خَبَرِهِ وَ حَالِهِ وَ بَعَثَ إِلَى نَفَرٍ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فَأَمَرَهُمْ بِالاخْتِلَافِ إِلَيْهِ وَ تَعَاهُدِهِ صَبَاحاً وَ مَسَاءً فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أُخْبِرَ أَنَّهُ قَدْ ضَعُفَ فَأَمَرَ الْمُتَطَبِّبِينَ بِلُزُومِ دَارِهِ وَ بَعَثَ إِلَى قَاضِي الْقُضَاةِ فَأَحْضَرَهُ مَجْلِسَهُ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَشَرَةً مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَ أَمَانَتِهِ وَ وَرَعِهِ فَأَحْضَرَهُمْ فَبَعَثَ بِهِمْ إِلَى دَارِ الْحَسَنِ وَ أَمَرَهُمْ بِلُزُومِهِ لَيْلًا وَ نَهَاراً فَلَمْ يَزَالُوا هُنَاكَ حَتَّى تُوُفِّيَ ع فَصَارَتْ سُرَّ مَنْ رَأَى ضَجَّةً وَاحِدَةً وَ بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلَى دَارِهِ مَنْ فَتَّشَهَا وَ فَتَّشَ حُجَرَهَا وَ خَتَمَ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا وَ طَلَبُوا أَثَرَ وَلَدِهِ وَ جَاءُوا بِنِسَاءٍ يَعْرِفْنَ الْحَمْلَ فَدَخَلْنَ إِلَى جَوَارِيهِ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِنَّ فَذَكَرَ بَعْضُهُنَّ أَنَّ هُنَاكَ جَارِيَةً بِهَا حَمْلٌ[2] فَجُعِلَتْ فِي حُجْرَةٍ وَ وُكِّلَ بِهَا نِحْرِيرٌ الْخَادِمُ وَ أَصْحَابُهُ وَ نِسْوَةٌ مَعَهُمْ ثُمَّ أَخَذُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَهْيِئَتِهِ وَ عُطِّلَتِ الْأَسْوَاقُ وَ رَكِبَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَ الْقُوَّادُ وَ أَبِي وَ سَائِرُ النَّاسِ إِلَى جَنَازَتِهِ فَكَانَتْ سُرَّ مَنْ رَأَى يَوْمَئِذٍ شَبِيهاً بِالْقِيَامَةِ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ تَهْيِئَتِهِ بَعَثَ السُّلْطَانُ إِلَى أَبِي- عِيسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ فَأَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَنَا أَبُو عِيسَى مِنْهُ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَعَرَضَهُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الْعَلَوِيَّةِ وَ الْعَبَّاسِيَّةِ وَ الْقُوَّادِ وَ الْكُتَّابِ وَ الْقُضَاةِ وَ الْمُعَدَّلِينَ وَ قَالَ هَذَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الرِّضَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ عَلَى فِرَاشِهِ[3] حَضَرَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ خَدَمِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ثِقَاتِهِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ مِنَ الْقُضَاةِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ وَ مِنَ الْمُتَطَبِّبِينَ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ ثُمَّ غَطَّى وَجْهَهُ وَ أَمَرَ بِحَمْلِهِ فَحُمِلَ مِنْ وَسَطِ دَارِهِ وَ دُفِنَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ أَبُوهُ فَلَمَّا دُفِنَ أَخَذَ السُّلْطَانُ وَ النَّاسُ فِي طَلَبِ وَلَدِهِ وَ كَثُرَ التَّفْتِيشُ فِي الْمَنَازِلِ وَ الدُّورِ وَ تَوَقَّفُوا عَنْ قِسْمَةِ مِيرَاثِهِ وَ لَمْ يَزَلِ الَّذِينَ وُكِّلُوا بِحِفْظِ الْجَارِيَةِ الَّتِي تُوُهِّمَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ لَازِمِينَ حَتَّى تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحَمْلِ فَلَمَّا بَطَلَ الْحَمْلُ عَنْهُنَّ قُسِمَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ أُمِّهِ وَ أَخِيهِ جَعْفَرٍ وَ ادَّعَتْ أُمُّهُ وَصِيَّتَهُ وَ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ يَطْلُبُ أَثَرَ وَلَدِهِ فَجَاءَ جَعْفَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى أَبِي فَقَالَ اجْعَلْ لِي مَرْتَبَةَ أَخِي وَ أُوصِلَ إِلَيْكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ فَزَبَرَهُ[4] أَبِي وَ أَسْمَعَهُ وَ- قَالَ لَهُ يَا أَحْمَقُ السُّلْطَانُ جَرَّدَ
[1] كان من خواص خدم الخليفة و كان شقيا من الاشقياء.
[2] في بعض النسخ[ لها حبل].
[3] يعني هلك من غير قتل و لا ضرب.
[4] أي زجره.