فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَقَامَ حَتَّى دَخَلَ فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ وَ بِهِمْ وَ قَدِ اسْتَعَدُّوا لَهُ رَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ بَعْضَهُ جَهْراً وَ بَعْضَهُ خَفِيّاً ثُمَّ قَالَ وَيْلَكُمْ أَنَا الَّذِي أَبْطَلْتُ سِحْرَ آبَائِكُمْ أَيَّامَ مُوسَى وَ أَنَا الَّذِي أُبْطِلُ سِحْرَكُمْ ثُمَّ نَادَى يَرْفَعُ صَوْتَهُ قَسْوَرَةً فَوَثَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ فَافْتَرَسَهُ فِي مَكَانِهِ وَ وَقَعَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ مِنْ سَرِيرِهِ وَ هُوَ يَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَقِلْنِي فَوَ اللَّهِ لَا عُدْتُ إِلَى مِثْلِهَا أَبَداً فَقَالَ قَدْ أَقَلْتُكَ قَالَ فَرُدَّ السِّبَاعَ كَمَا كَانَتْ قَالَ هَيْهَاتَ إِنْ رَدَّ عَصَا مُوسَى فَسَتَعُودُ السِّبَاعُ.
وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ع[1] قَالَ: يَا عَبْدَ الْعَظِيمِ أَبْلِغْ عَنِّي أَوْلِيَائِيَ السَّلَامَ وَ قُلْ لَهُمْ أَنْ لَا يَجْعَلُوا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ سَبِيلًا وَ مُرْهُمْ بِالصِّدْقِ فِي الْحَدِيثِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ مُرْهُمْ بِالسُّكُوتِ وَ تَرْكِ الْجِدَالِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ وَ إِقْبَالِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَ الْمُزَاوَرَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ إِلَيَّ وَ لَا يَشْتَغِلُوا أَنْفُسَهُمْ بِتَمْزِيقِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً فَإِنِّي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي[2] إِنَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَ أَسْخَطَ وَلِيّاً مِنْ أَوْلِيَائِي دَعَوْتُ اللَّهَ لِيُعَذِّبَهُ فِي الدُّنْيَا أَشَدَّ الْعَذَابِ وَ كَانَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ* وَ عَرِّفْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لِمُحْسِنِهِمْ وَ تَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ إِلَّا مَنْ أَشْرَكَ بِهِ أَوْ آذَى وَلِيّاً مِنْ أَوْلِيَائِي أَوْ أَضْمَرَ لَهُ سُوءاً فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْهُ فَإِنْ رَجَعَ وَ إِلَّا نَزَعَ رُوحَ الْإِيمَانِ عَنْ قَلْبِهِ وَ خَرَجَ عَنْ وَلَايَتِي وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَصِيباً فِي وَلَايَتِنَا وَ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ[3].
سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: تَبِعَ حَكِيمٌ حَكِيماً سَبْعَ مِائَةِ فَرْسَخٍ فَلَمَّا لَحِقَهُ قَالَ يَا هَذَا مَا أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَ مَا أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ مَا أَغْنَى مِنَ الْبَحْرِ وَ مَا أَقْسَى مِنَ الْحَجَرِ وَ مَا أَشَدُّ حَرَارَةً مِنَ النَّارِ وَ مَا أَشَدُّ بَرْداً مِنَ الزَّمْهَرِيرِ وَ مَا أَثْقَلُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ فَقَالَ الْحَقُّ أَرْفَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَ الْعَدْلُ أَوْسَعُ مِنَ الْأَرْضِ وَ غِنَى النَّفْسِ أَغْنَى مِنَ الْبَحْرِ وَ قَلْبُ الْكَافِرِ أَقْسَى مِنَ الْحَجَرِ وَ الْحَرِيصُ الْجَشِعُ أَشَدُّ حَرَارَةً مِنَ النَّارِ وَ الْيَأْسُ مِنْ قَرِيبٍ أَشَدُّ بَرْداً مِنَ الزَّمْهَرِيرِ وَ الْبُهْتَانُ عَلَى الْبَرِيءِ أَثْقَلُ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ[4].
[1] رواية عبد العظيم عن الرضا عليه السلام بعيد و لعلّ المراد أبو الحسن الثالث فاشتبه على الرواة.
[2] أي حلفت و جعلت على نفسى كذا و كذا.
[3] نقله المجلسيّ- رحمه اللّه- في البحار ج 16 ص 63.
[4] روى نحوه الصدوق- رحمه اللّه- في المعاني ص 55 و نقله المجلسيّ في البحار ج 17 ص 248.