6- و ما رواه علقمة بن محمّد عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السّلام ... عن
آبائه عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: «من اغتاب مؤمنا بما فيه لم
يجمع اللّه بينهما في الجنّة أبدا، و من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه فقد انقطعت
العصمة بينهما و كان المغتاب في النار خالدا فيها و بئس المصير» [1].
يعتبر في معنى الغيبة امور:
الأوّل: أن يكون المغتاب (بالفتح) غائبا، و هو مستفاد من مادّة الكلمة، نعم
إذا كان حاضرا، و لكن كان غافلا فهو بحكمه و إن لم يكن منه لغة، مثل ما روي عن
عائشة في امرأة دخلت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقالت عائشة: يا رسول
اللّه ما أجملها و أحسنها لو لا أنّ بها قصر، فقال لها النبي صلّى اللّه عليه و
آله و سلم: «اغتبتيها يا عائشة ...» [2].
فهذا إلحاق حكمي.
الثّاني: أن يكون بما فيه من العيوب، فلو كان بذكر المحاسن و لكن يكره إظهارها
كالعدالة و الورع و بعض العلوم و بعض العبادات، فليس من الغيبة قطعا، نعم إذا كان
بحيث يسمعه و يتأذّى منه و لم يكن تألّمه أمرا غير متعارف كان حراما من جهة اخرى،
أمّا إذا كان ذلك بسبب شذوذ فيه، فيشكل الحكم بلزوم تركه لعدم الدليل.
الثّالث: أن يكون ذلك مستورا، فلو كان ظاهرا لم يكن من الغيبة، لأنّه القدر
المتيقّن، نعم إذا كان بقصد المذمّة لم يبعد حرمته، لا من هذه الجهة، بل من جهة
حرمة مذمّة الناس.
الرّابع: أن يكون يكرهه إذا سمعه أو يغمّه إذا سمعه، و الظاهر أنّه قيد زائد
لأنّه لازم سائر القيود السابقة عادة، و أمّا الافراد النادرة فلا يعبأ بها.
الخامس: و قد يقال باعتبار قصد المذمّة، و لكن اعتباره بعيد، لأنّ مجرّد ذكر
إنسان بعيب مستور كاف في كونه غيبة طبقا لما مرّ من الروايات و كثير من التعاريف
الاخر، و ما هو المتبادر منها، فيتحصّل من جميع ذلك اعتبار امور ثلاثة في الغيبة:
كونها عيبا، و كونه مستورا، و كون الشخص المقصود غائبا.
[1]. وسائل الشيعة، ج 8، ص 601، الباب
152، من أبواب أحكام العشرة، ح 20.