وأما الاكتفاء بالتوبة في محو تبعات الغيبة كما يكتفي بها في محو تبعات سائر المعاصي فهو المتعين، لقيام الضرورة ودلالة الايات المتظافرة والروايات المتواترة من الفريقين على أن التائب عن ذنبه كمن لا ذنب له، وفي احياء العلوم عن مجاهد: ان كفارة أكلك لحم أخيك أن تثني عليه وتدعو له بخير [1]. وفيه: انه وان كان حكما اخلاقيا ولكن قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه انه لا دليل عليه. وكذلك لا وجه لما حكاه عن عطاء، من أنه سئل عن التوبة من الغيبة قال: ان تمشي الى صاحبك فتقول له: كذبت فيما قلت وظلمتك واسأت، وان شئت اخذت بحقك وان شئت عفوت، وهذا هو الاصح [2]. على أن ما ذكره في طريق الاعتذار، من أن يقول المغتاب - بالكسر - لصاحبه: كذبت فيما قلت، كذب محرم، لما عرفت ان الغيبة كشف العيوب المستورة الموجودة في المقول فيه، فلا يكون الاغتياب من الاكاذيب. قوله: والانصاف ان الاخبار الواردة في هذا الباب كلها غير نقية السند. أقول: ربما قيل: انه لا وجه لمناقشة المصنف في اعتبار الروايات، فانه قد اعترف بكونها مستفيضة، على أنه (رحمه الله) جعل من ادلة وجوب الاستحلال الدعاء التاسع والثلاثين من الصحيفة، ومن البديهي ان الصحيفة وصلت الينا بسند معتبر عن الامام الرابع عليه وعلى آبائه الف تحية وسلام. [1] احياء العلوم 3: 134. [2] احياء العلوم 3: 134.