وفيه : أنّ إيجاب
الميل القلبي لا يوجب التحريم ، وحرمة كسر قلب الخصم إنّما تتأتّى في الخصومة
الحاضرة أو الواقعة يقينا ولو بعد حين ، ومع ذلك يوجب كسر قلبه إذا كان بحيث يطّلع
عليه ، فلو فرض إهداء شيء علم أنّ غرضه ليس فعلا أصلا ولم يطّلع خصمه عليه لا
يكون حراما ، وأمّا حصول ذلك العلم فهو أمر لا يكاد يحصل غالبا.
ولو لم يعلم
مقصوده وأنّ المبذول هل هو من الأول أو الثاني ، فمقتضى الأصل الحلّية ، إلاّ أن
تدلّ على قصده القرينة ، ومنها : عدم الاعتياد قبل القضاء ، ومنها : حضور خصومة له
أو عليه أو حصولها له بعد ذلك علما أو ظنّا.
ولو لم يعتبر ذلك
في التميّز لزم عدم حرمة رشوة إلاّ ما صرّح به الراشي أنّه للحكم ، وهو خلاف
الإجماع.
ولو تعارضت
القرينتان ـ كأن يكون ذلك ممّن جرت عادته بذلك قبل حصول الخصومة ، كالقريب والصديق
الملاطف ، فبذل بعد حضورها أيضا ـ فالأحوط عدم القبول ، بل الأحوط للقاضي سدّبابالهدايا مطلقا ، بل حكم جمع بكراهتها له ، ولا بأس به ، لفتواهم.
فرع : يجب على المرتشي ردّها على الراشي ـ وإن بذلها برضى
نفسه ـ مع بقاء عينها إجماعا ، والوجه فيه ظاهر.
ويجب عليه ردّ
عوضها مع تلفها أيضا ـ وإن لم يكن التلف بتفريطه ـ وجوبا فوريّا ، على المصرّح به
في كلام الأصحاب ، بل نفي الخلاف بيننا عنه [١] ، وعن ظاهر المسالك [٢] وغيره : إجماعنا عليه.