نجس " [1] ويمكن تقريبه بنحو لا يرد عليه بعض الاشكالات، وهو أن المستفاد من كلمة الحصر وحمل المصدر أن المشركين ليسوا إلا حقيقة النجاسة بالمعنى المصدري، وهو مبني على الادعاء والتأول، وهو لا يناسب طهارتهم ونظافتهم ظاهرا التي هي بنظر العرف أوضح مقابل للنجاسة وأظهره، فلا يجوز الحمل على القذارة الباطنية من كفرهم أو جنابتهم، لبشاعة أن يقال: إن الكافر ليس إلا عين القذارة، لكنه طاهر نظيف في ظاهره كسائر الاعيان الطاهرة، بل لو منع من افادة كلمة " إنما " الحصر يكون حمل المصدر الدال على الاتحاد في الوجود موجبا لذلك أيضا، كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام. نعم لو قارن الكلام بدعوى أخرى هي دعوى أن المشركين ليسوا إلا بواطنهم لكان لانكار الدلالة وجه، لكنها على فرض صحتها خلاف الاصل. والحمل على القذارة الصورية العرفية غير جائز، لعدم مطابقته للواقع إن أريد الحقيقة، فلا بد من ارتكاب تجوز، وهو دعوى أنه من هو نظيف بينهم كالعدم، وهي لا تصح إلا إذا كان النظيف بينهم نادرا يلحق بالعدم، وهو غير معلوم، بل معلوم العدم، مع أن المجاز خلاف الاصل، ولا قرينة عليه. وكذا إن أريد نجاستهم عرضا لا بد من ارتكاب التجوز، وهو أيضا خلاف الاصل لو فرض كثرة ابتلائهم بحد تصحح الدعوى، مضافا إلى أن دعوى كونهم عين النجاسة بالمعنى المصدري أو حاصله أيضا لا تناسب في النجاسة العرضية إلا في بعض الاحيان كما لو تلوث جميع البدن تحقيقا أو تقريبا، وإلا فمع الملاقاة ببعض البدن لا يصح دعوى أنه عين القذارة، وتلوث جميع أفراد المشركين أو أكثرهم بنحو تصح [1] سورة التوبة: 9 - الآية 38.