وعلى كل حال
فالظاهر إلحاق المخالفين بالمشركين في ذلك لاتحاد الكفر الإسلامي والإيماني فيه ،
بل لعل هجاؤهم على رؤس الاشهاد من أفضل عبادة العباد ما لم تمنع التقية ، وأولى من
ذلك غيبتهم التي جرت سيرة الشيعة عليها في جميع الأعصار والأمصار علمائهم وأعوامهم
، حتى ملأوا القراطيس منها بل هي عندهم من أفضل الطاعات ، وأكمل القربات فلا غرابة
في دعوى تحصيل الإجماع ، كما عن بعضهم بل يمكن دعوى كون ذلك من الضروريات ، فضلا
عن القطعيات.
فمن الغريب ما عن
المقدس الأردبيلي وظاهر الخراساني في الكفاية من أن الظاهر عموم أدلة التحريم
الغيبة من الكتاب والسنة للمؤمنين وغيرهم ، لأن قوله تعالى [١]( وَلا
يَغْتَبْ ) إلى آخره للمكلفين أو للمسلمين لجواز غيبة الكافر والسنة
أكثرها بلفظ الناس والمسلم ، وهما معا شاملان للجميع ، ولا استبعاد في ذلك إذ كما
لا يجوز أخذ مال المخالف وقتله ، لا يجوز تناول عرضه ، ثم قال في ظني أن الشهيد في
قواعده جوز غيبة المخالف من جهة مذهبه ودينه ، لا غير إذ هو كما ترى مخالف لما
سمعت ولعل صدور ذلك منه لشدة تقدسه وورعه ، لكن لا يخفى على الخبير الماهر الواقف
على ما تظافرت به النصوص ، بل تواترت من لعنهم وسبهم وشتمهم وكفرهم وانهم مجوس هذه
الأمة ، واشر من النصارى وأنجس من الكلاب ، أن مقتضى التقدس والورع خلاف ذلك ،
وصدر الآية الذين آمنوا وآخرها التشبيه بأكل لحم الأخ بل في جامع المقاصد أن حد
الغيبة على ما في الأخبار أن يقول في أخيه ما يكرهه لو سمعه مما فيه ، ومعلوم أن
الله تعالى عقد الأخوة بين المؤمنين بقوله تعالى [٢]( إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) دون غيرهم ، وكيف