عن معنى الآية سمي غيبة أم لا . وفيه مضافا إلى أن ما رمناه في المقام هو تحصيل مفهوم الغيبة عرفا أو ما يعتبر في عنوانها بدليل شرعي ليترتب عليه أحكامها الخاصة ، وقد علمت أن الرواية ولو مع استشهادها بالآية قاصرة عن اثبات عنوانها : أن اطلاق صدرها لما لم يقصد الانتقاص ممنوع ، فإن الظاهر من مجموع الرواية سيما قوله عليه السلام : ولا تذيعن عليه شيئا تشينه وتهدم مروته : أن النهي متعلق بذكر عيوبه لشينه وهدم مروته ولا أقل من أن يكون ذكره ملازما له ، ومعه لا ينفك قصده عن قصد التعييب ولو بالحمل الشايع ، فلا تشمل ما إذا كان قصده من ذكره عدم التعييب بل ذكره عند الطبيب لعلاجه ، وعند الغني للترحم عليه ، وعند الحاكم لدفع الظلم عنه ، لعدم صدق أنه شانه وهدم مروته واغتابه وعابه ، وليس المراد من قصد الانتقاص قصد عنوانه ولا من حب شيوع الفاحشة في الآية حب عنوانه جزما ، بل المراد حب شيوع ما هو فاحشة بالحمل الشايع وقصد الانتقاص كذلك ، فلا ينبغي الاشكال في أن الظاهر من الرواية أن من ذكر عيب الغير و أذاعه وشانه وهدم مروته : داخل في الآية كما لا شبهة في أن مفاد الآية ليس إلا حرمة افشاء الفاحشة وهو الظاهر عرفا من قوله : يحب أن تشيع الفاحشة في فلان أو في الذين آمنوا ، فحينئذ يكون ما في الرواية داخلا في الآية من غير تصرف فيها . وأما ما أفيد : من القرينة العقلية ومن تفريع الآية على الرواية وتبعيتها في الاطلاق ( فغير وجيه ) لأن ذكر الآية إنما هو لإخافة المكلف عن العذاب الأليم الموعود لمن يشيع الفاحشة في المؤمن ، لا التنبيه على أن قاصد السبب قاصد للمسبب وليس ذكر الآية تفريعا على نحو سائر التفريعات حتى يقال : تتبعها في الاطلاق بل الظاهر أن ذكرها لمجرد التنبيه على ايعاد الله تعالى والتذكير بأن إذاعة عيب الناس موجبة للعذاب الأليم ، والانصاف أن الرواية بعيدة عن افهام ما ذكر : من الوجه العلمي والفني ومنها مرسلة ابن أبي عمير [1] عن أبي عبد الله عليه السلام وصحيحة هشام عنه عليه السلام قال : من قال
[1] الوسائل - كتاب الحج - الباب 152 - من أبواب أحكام العشرة .