أحدهما الى قسمين فهذا في الحقيقة جمع بين تصحيح التقسيم و وجود الأقسام. و بيان ذلك. ان الدلالة أما ذاتية أو مجعولة فإنّ الشيء إما يدل على شيء ذاتا أو بالجعل و الدلالة الوضعية بالجعل و أما الطبعية و العقلية فبالذات فإنّ كل علة سبب بالذات لمعلوله و كذا كل معلول مسبب عن علته فالدلالة فيهما بالذات.
ثم ان الدلالة الذاتية تنقسم الى ذاتية نظرية و ذاتية ضروريه و الأول كدلالة التغير على الحدوث بناء على كونه نظريا و كذا سرعة النبض على الحمى فإنّها ليست بديهيه بل انه أمر يعرفها الطبيب. ثم ان النظرية قد عبر عنها بالعقلية لتصرف العقل في النظريات و أما الطبعية فهي في خصوص البديهية و لا اشكال في هذا البيان و التقسيم إلّا أن الأمثلة لا بد و ان تعكس اذ لفظ ديز على وجود اللافظ لا يدل نظريا و كذا يلزم ان يكون سرعة النبض عقلية.
[تبعية الدلالة للارادة و نقد مقالة التفتازاني]
و انّما المهم في المقام. هو انّ الدلالة الطبعية و العقلية لا تحتاجان الى قيد زائد فإنّهما ذاتيتان كما عرفت. و أما الدلالة الوضعية فقد أفاد المحققون من عظماء الفن كالشيخ الرئيس و المحقق الطوسي و الشيخ عبد القاهر الجرجاني انّ الدلالة الوضعية تابعة لإرادة المتكلم و لكن التفتازاني و من شايعه أنكروا ذلك فإنّ اللفظ الموضوع يوجب حضور المعنى في الذهن أراده المتكلم أو لم يرده حتى ان اللفظ لو صدر من غير انسان و لافظ كان المعنى مع ذلك معلوما كالببغاء.
و لكن الحق. ان هؤلاء لم يفهموا معنى الدلالة و لم يصلوا الى كنه ما أفاده المحققون الأعلام فلا بد من تحقيق الدلالة التي عرّفت بكون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيء آخر و ان ذلك هل ينطبق على التصور أو لا؟
أما التفتازاني فكأنّه تخيل انّ العلم في مفروض البحث هو ما عرف في المنطق بأنّه الصورة الحاصلة من الشيء عند العقل و جعل هذا أعم من الظن و الشك و الوهم بل و حتى الجهل و لذا قد أخذ الظن و الشك و الوهم في مبحث التصورات جزءا