ثم انّك قد عرفت انّ العمدة في منع الاخباريين من العمل بظواهر الكتاب هي الأخبار المانعة عن تفسير القرآن إلّا انّه يظهر من كلام السيد الصدر- شارح الوافية- في آخر كلامه: انّ المنع عن العمل بظواهر الكتاب هو مقتضى الأصل و العمل بظواهر الاخبار خرج بالدليل حيث قال- بعد اثبات انّ في القرآن محكمات و ظواهر و انّه مما لا يصح انكاره و ينبغي النزاع في جواز العمل بالظواهر و انّ الحق مع الاخباريين- ما خلاصته: انّ التوضيح يظهر بعد مقدمتين:
الأولى ان بقاء التكليف مما لا شك فيه و لزوم العمل بمقتضاه موقوف على الإفهام و هو يكون في الأكثر بالقول و دلالته في الأكثر تكون ظنية اذ مدار الإفهام على القاء الحقائق مجردة عن القرينة و على ما يفهمون و ان كان احتمال التجوز و خفاء القرينة باقيا.
الثانية. انّ المتشابه كما يكون في أصل اللغة كذلك يكون بحسب الاصطلاح مثل ان يقول أحد: أنا استعمل العمومات و كثيرا ما أريد الخصوص من غير قرينة و ربّما أخاطب أحدا و أريد غيره. و نحو ذلك فحينئذ لا يجوز لنا القطع بمراده و لا يحصل لنا الظن به و القرآن من هذا القبيل لأنّه نزل على اصطلاح خاص. لا أقول على وضع جديد بل أعم من ان يكون ذلك أو يكون فيه مجازات لا يعرفها العرب و مع ذلك قد وجدت فيه كلمات لا يعلم المراد منها كالمقطعات. الى أن قال: اذا تمهدت المقدمتان فنقول: مقتضى الأولى العمل بالظواهر و مقتضى الثانية عدم العمل لأن ما صار متشابها لا يحصل الظن بالمراد منه و ما بقى ظهوره مندرج في الأصل المذكور