و المتحصل ان الصحيح التام من هذه الوجوه هو ما ذكرنا من أن الأصل في المقام هو عدم حجية الظن و لا مجال للخدشة فيه و هذا مما يكتفي به و معه لا حاجة في الرجوع الى الوجوه الأخر فإنّ مرجعها بأجمعها الى كون مصبّ الترديد هو الحكم التكليفي من إباحة العمل بالظن أو الترديد بين الوجوب و الحرمة أو الدوران بين التعيين و التخيير و قد عرفت ان مرجع البحث إنّما هو الى الترديد في الحكم الوضعي أعني الترديد في جعل الحجية و الطريقية للظن و عدمه.
[الظنون الخارجة عن الأصل]
اذا عرفت ذلك و ان الأصل عدم الحجية فلنشرع في بيان الظنون الخارجة عن هذا الأصل- منها:
أصالة الحقيقة
و لا شبهة في اعتبارها في الجملة و إن كانت على اطلاقها محلا للكلام و انّها هل تعتبر في حق المخاطب المقصود به الافهام أو مطلقا حتى الغائبين عن زمان صدور الخطاب فالأصحاب إنّما يجرون أصالة الحقيقة بالنسبة الى الألفاظ الصادرة اليهم بلا شبهة و أما الغائبون فإن تم الاطلاق فهم أيضا كالمخاطبين في ذلك و إلّا فلا بد من أن يكونوا تابعين لفهم الأصحاب. هذا
[أصالة الحقيقة ليست من جملة الظنون الخارجة عن الأصل]
و لكن- قد أنكر بعض المحققين أن تكون أصالة الحقيقة من جملة الظنون الخارجة عن الأصل حتى يكون اعتبارها من جهة أفادتها الظن بل انّها أصل مستقل برأسه و الأصل لا يستند الى ظن و لا الى شك بل يستند الى العلم خاصة فتحقيق المقام يتوقف على بيان أمرين.
[تحقيق المقام يتوقف على بيان أمرين]
الأمر الأول. [هل انّ الأصل مستند الى الجهل و الشك أو انه يستند في مورد الشك الى العلم؟]
هل انّ الأصل مستند الى الجهل و الشك كما عليه شيخنا الأنصاري حيث جعل مجرى الأصول الأربعة هو الشك أو انه يستند في مورد الشك