مع إمكان (1) إثبات صحة المعاطاة في الهبة و الإجارة ببعض
الشرعية، و إنّما غايته إثبات الملكية الآنيّة قبل التصرف المنوط بالملك.
الثاني: دلالة الآيتين على الحكم الوضعي و هو الصحة لا مجرّد الحكم التكليفي. و قد ناقش فيه بالأمر بالتأمل فيه. و لعلّ وجهه انتفاء الجامع بين الحلّ التكليفي و الوضعي، فلا بد أن يراد أحدهما، و مقتضى ظهوره في التكليف تعلقه بالتصرفات، و هو الوجه الأوّل.
الثالث: دلالة الآيتين بالمطابقة على حلية التصرفات، و بالملازمة العرفية على صحة المعاملة المعاطاتية، يعني: أن مدلول الآيتين ليس مجرّد اشتراك المعاطاة مع البيع و التجارة في ترتيب الآثار حتى تنفك الملكية عن الحلية، بل مدلولهما هو الحلية الناشئة من سببيّتهما للملك، لكونهما سببين عرفيين له. و هذا هو الذي استقرّ عليه رأيه في الحكم بإفادة المعاطاة للملك. هذا.
و يحتمل أن يريد المصنف (قدّس سرّه) بهذا الوجه الثالث أمرا آخر، و هو: دلالة الآية بالمطابقة على صحة البيع المعاطاتي، و لعلّه أوفق بقوله: «بأن المتبادر عرفا من حلّ البيع صحته شرعا» لا ما ذكرناه- أخذا من المحقق الأصفهاني (قدّس سرّه)- من إرادة الملازمة العرفية بين تحليل التصرفات و صحة المعاطاة. و عليه يكون مختاره قريبا من التقريب الثاني و هو إرادة الحل الوضعي.
لكن قد يشكل بأنّ دلالة الآية بالمطابقة على الصحة ينافي انتزاع الوضعيات من التكليف و عدم استقلالها بالجعل، فلعلّ الأولى إرادة الملازمة العرفية كما ذكرناه.
الدليل الخامس: الإجماع المركّب
(1) هذا إشارة إلى دليل خامس على مملّكية المعاطاة، و هو الاستدلال بالإجماع المركّب حتى إذا نوقش في الأدلة الثلاثة المتقدمة من الآيتين و السيرة. تقريبه: أنّ من الممكن تصحيح المعاطاة في الهبة و الإجارة ببعض إطلاقاتهما، و تتميمه في البيع بالإجماع المركّب، إذ لا يقول أحد بصحة المعاطاة في الهبة و الإجارة و عدم صحتها في البيع، فكل من يقول بصحتها فيهما يقول بصحتها في البيع.