قال السيد «ره» و سار القوم برأس الحسين (عليه السلام) و الاسراء من رجاله، فلما قربوا من دمشق دنت أم كلثوم من شمر و كان من جملتهم، فقالت له: لي إليك حاجة. فقال: ما حاجتك؟ قالت: إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة و تقدم إليهم أن يخرجوا هذه الرءوس من بين المحامل و ينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر إلينا و نحن في هذه الحال. فأمر في جواب سؤالها أن يجعل الرءوس على الرماح في أوساط المحامل بغيا منه و كفرا و سلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى أتى بهم باب دمشق، فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي:
بنفسي النساء الفاطميات أصبحت * * * من الأسر يسترئفن من ليس يرأف
و مذ أبرزوها جهرة من خدورها * * * عشية لا حام يذود و يكنف
لقد قطع الأكباد حزنا مصابها * * * و قد غادر الأحشاء تهفو و ترجف
و روي أن بعض الفضلاء التابعين لما شاهد رأس الحسين (عليه السلام) بالشام أخفى نفسه شهرا من جميع أصحابه، فلما وجدوه بعد إذ فقدوه سألوه عن سبب ذلك فقال: أ لا ترون ما نزل بنا، و أنشأ يقول:
جاءوا برأسك يا بن بنت محمد * * * مترملا بدمائه ترميلا
و كأنما بك يا بن بنت محمد * * * قتلوا جهارا عامدين رسولا
قتلوك عطشانا و لم يترقبوا * * * في قتلك التأويل و التنزيلا
و يكبرون بأن قتلت و إنما * * * قتلوا بك التكبير و التهليلا [3]