اعلم أنّ الشرط و إن لم يكن مؤثّرا في نقصان عدد المشروط كالاستثناء، و بذلك فصلنا بينهما فيما تقدّم، فإنّه يخصّص المشروط من وجه آخر؛ لأنّه إذا قال «اضرب القوم، إن دخلوا الدّار» فالشرط لا يؤثّر في تقليل عدد القوم، و إنّما يخصّص الضّرب بهذا الحال؛ لأنّه لو أطلق لتناول الأمر بالضّرب على كلّ حال، فتخصّص بالشرط، و من أمثلته قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مََاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً[1] و قوله جلّ اسمه: فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعََامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً[2] .
و لا فصل في الحكم الّذي ذكرناه بين تقدّم الشرط في صدر الكلام و بين تأخره.
و لا يمتنع أن يشترط الشيء بشروط كثيرة، كما لا يمتنع أن يكون الشرط الواحد شرطا في أشياء كثيرة. و كلّما زيد في الشّرط زاد التخصيص.
و من حقّ الشّرط أن يكون مستقبلا، و كذلك المشروط.
و الغاية تجري في هذا المعنى مجرى الشرط. و قوله تعالى: وَ لاََ تَقْرَبُوهُنَّ حَتََّى يَطْهُرْنَ[3] معناه إلى أن يطهرن، فإن طهرن فاقربوهن. و كذلك قوله تعالى:
اعلم أنّ التقييد هو مثل قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ و قوله تعالى:
فَصِيََامُ شَهْرَيْنِ مُتَتََابِعَيْنِ*[6] فإذا ولي هذا التّقيد جملة واحدة، فلا شبهة في تغيّر حكمها. و الخلاف فيه متى ولي جملتين، في رجوعه إليهما-إذا صحّ ذلك فيه-أو رجوعه إلى ما يليه، كالخلاف في الاستثناء، و قد تقدّم مشروحا.