أو أنها تظهر خباثة و فساد من فى قلوبهم الفساد و الخبث.
و قد ثبت بحكم الأحاديث الشريفة أن الذين يحدثون البدعة فى المدينة أو يعينون على ذلك سيلعنون من قبل الرحمن، و أن صلوات مثل هؤلاء الرجال المفروضة و نوافلهم لن تقبل منهم فالآثام الصغيرة التى ترتكب فى المدينة المنورة تعد من الكبائر بناء على الإفادة العاتبة للّه- سبحانه و تعالى- إن اللّه- سبحانه و تعالى- يمحو الذين يسيئون إلى أهل المدينة المنورة كما يذيب الماء الملح يذيبهم فى جهنم مثل الملح و الرصاص [1].
هناك اختلاف فى مدلولى لفظى المحو و الإذابة إذ قال بعضهم إن الذين يتعرضون بالسوء إلى أهل المدينة المنورة سيؤاخذون على فعلتهم يوم القيامة، كما حكم بعضهم على أن هؤلاء سيؤاخذون على أعمالهم فى حياتهم، و إذا ما نظر إلى تلف المسلم الذى يناقض اسمه- أى مسلم بن عقبة [2]- و الذى تجرأ فى ارتكاب حادثة الحرم الشهيرة، و كذلك إلى تلف يزيد [3] المفضوح الذى عينه للقيام بهذه المهمة الحزينة متعاقبين ترى صحة مؤدى القول الثانى و أصالته، و إذا ما نظر إلى تأخير مؤاخذة بعض الظالمين يرى أن القول معقول كذلك، و لا سيما إذا نظرنا إلى مصير طوائف القرامطة الباغية، و لكننا إذا ما نظرنا إلى مصير المغاربة الذين كانوا سببا فى إحاطة الشهيد نور الدين مرقد السعادة بجدار من الرصاص و إلى مصير المخذولين الأذلة الذين أساءوا إلى المدينة إذ تعرضوا- إن عاجلا أو آجلا- إلى أنواع المصائب و البلايا يقتضى ترجيح صحة القول الثانى.
و بما أنه قد ثبت أن الجبابرة الذين أساءوا إلى دار الهجرة المدينة المنورة قد نالوا جزاءهم من الآلام و العذاب حتى كانوا عبرة لأمثالهم و مثار الانتباه فلا شبهة أنهم
[1] انظر: صحيح مسلم بشرح النووى حديث 3299 ط. دار الغد العربى. و إعلام الساجد، ص 257.