نام کتاب : موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب نویسنده : أيوب صبري باشا جلد : 3 صفحه : 101
المشحون بالفيض الإلهى لقى شخص آخر عبد اللّه ابن عمر و قال «يا أبا عبد الرحمن. قد حل زمن زاد فيه الجور و الظلم و زادت حالة العباد ضيقا و اشتدادا و بناء على هذا فأنا أريد أن أهاجر إلى بلد ذى شهرة بالرخص». فذكر له عبد اللّه بن عمر الحديث الطويل سالف الذكر و قال له لا تفارق مكانك الذى أنت فيه و لو خطوة واحدة.
إن تفضل الآمر بالحكمة- عليه أفضل التحية- قائلا «أكون إما شفيعا أو شهيدا على من يتحملون بلايا المدينة المنورة بالصبر عليها» لا يشك فيه لأن معناه أكون شاهدا للمطيعين و شفيعا للعصاة و لما كانت هذه الشفاعة أخص من الشفاعة العامة فإن ذلك الحديث يدل على أن سكنة تلك المدينة المذكورة يتوفون على إيمانهم و معلوم أن الشفاعة ستكون فى حق أهل الإيمان.
إن تبشير متوفى المدينة جعل سكان دار السكينة رهن السرور و مما لا شك فيه أن الحديث الشريف (من مات بالمدينة كنت له شفيعا يوم القيامة) [1] سيسر الذين يؤثرون الفداء بأرواحهم فى المدينة المنورة، و يروى ابن عمر أن النبى (صلى اللّه عليه و سلم) كان يدعو فى أثناء وجوده فى مكة قائلا «نرجو من المعطى ألا يتوفانا فى مكة المكرمة» و ذلك عن صحبته له- (عليه السلام)- و يروى من مصدر موثوق أن صاحب الآيات- عليه أفضل التحيات- يقول «إن الذين لهم ملك فى المدينة يجب أن يحرصوا على المحافظة على أملاكهم و أن يسعى الذين لا يملكون شيئا فى المدينة لبذل الجهود على أن يمتلكوا شيئا فيها»، كما أنه- (عليه السلام)- نبه المهاجرين إلى البلدة الطيبة أن يهيئوا لأنفسهم و لو شجرة نخلة [2] واحدة.
و قد روى الإمام الزهرى مرفوعا «لا تتخذوا الأموال بمكة و اتخذوها فى دار هجرتكم فإن الرجل مع ماله» كما روى ابن عمر الحديث اللطيف «لا تتخذوا من وراء الرق حاملا و لا ترتدوا على أعقابكم بعد الهجرة و لا تنكحوا بناتكم طلقاء
[1] عند الترمذى بلفظ: «من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإنى أشفع لمن يموت بها» و فى رواية الطبرانى: «فإنه من مات بها كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة».
و قال: حسن صحيح. انظر: إعلام الساجد ص 248، مجمع الزوائد 3/ 306.