و اغلظ عليّ في القول، و لا عليك و اللّه و اللّه! أن تخالفني في شيء ممّا أوصيك به.
فلمّا وصل أبو الحسن (عليه السلام) إلى سرّ من رأى جلس مجلسا عامّا، و حضر عنده جماعة من وجوه الناس، و أصحاب الخليفة المتوكّل، و أعيان البلد و غيرهم، فجاء ذلك الأعرابي، و أخرج الخطّ، و طالبه بالمبلغ المذكور، و أغلظ عليه في الكلام.
فجعل أبو الحسن يعتذر إليه و يطيب نفسه بالقول، و يعده بالخلاص عن قريب، و كذلك الحاضرون، طلب منه المهلة ثلاثة أيّام.
فلمّا انفكّ المجلس نقل ذلك الكلام إلى الخليفة المتوكّل، فأمر لأبي الحسن (عليه السلام) على الفور بثلاثين ألف درهم، فلمّا حملت إليه تركها إلى أن جاء الأعرابي.
فقال (عليه السلام) له: خذ هذا المال، فاقض منه دينك، و استعن بالباقي على وقتك، و القيام على عائلتك.
فقال الأعرابي: يا ابن رسول اللّه! و اللّه! إنّ في العشرة آلاف بلوغ مطلبي، و نهاية إربى [1]، و كفاية لي.
فقال أبو الحسن: و اللّه! لتأخذنّ ذلك جميعه، و هو رزقك الذي ساقه اللّه إليك، و لو كان أكثر من ذلك ما نقصناه.
فأخذ الأعرابي الثلاثين ألف درهم، و انصرف و هو يقول: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته [2].