عمر بن الفرج الرخجيّ المدينة ... فأحضر جماعة من أهل المدينة، ... فقال لهم: ابغوا لي رجلا من أهل الأدب، و القرآن، و العلم، لا يوالي أهل هذا البيت، لأضمّه إلى هذا الغلام [أي أبي الحسن الثالث (عليه السلام)]، و أوكله بتعليمه، و أتقدّم إليه بأن يمنع منه الرافضة، الذين يقصدونه و يمسّونه.
فسمّوا له رجلا من أهل الأدب يكنّى أبا عبد اللّه، و يعرف بالجنيديّ ....
قال: فكان الجنيديّ يلزم أبا الحسن في القصر بصريا، فإذا كان الليل أغلق الباب و أقفله و أخذ المفاتيح إليه ... ثمّ إنّي لقيته في يوم جمعة، فسلّمت عليه و قلت له: ما قال هذا الغلام الهاشميّ الذي تؤدّبه؟
فقال- منكرا عليّ-: تقول الغلام و لا تقول الشيخ الهاشميّ؟! أنشدك اللّه هل تعلم بالمدينة أعلم منّي؟ قلت: لا!
قال: فإنّي و اللّه أذكر له الحزب من الأدب، أظنّ أنّي قد بالغت فيه، فيملي عليّ بابا فيه أستفيده منه، و يظنّ الناس أنّى أعلّمه، و أنا و اللّه أتعلّم منه ...
ثمّ قلت: ما حال الفتى الهاشميّ؟
فقال لي: دع هذا القول عنك ... إنّه لربّما همّ بالدخول فأقول له: تنظر حتّى تقرأ عشرك.
فيقول لي: أيّ السور تحبّ أن أقرأها؟
أنا أذكر له من السور الطوال ما لم تبلغ إليه، فيهذّها بقراءة لم أسمع أصحّ منها من أحد قطّ، و جزم أطيب من مزامير داود النبيّ (عليه السلام) الذي إليها من قراءته يضرب المثل ... [1].