فيملي عليّ بابا فيه أستفيده منه، و يظنّ الناس أنّى أعلّمه، و أنا و اللّه أتعلّم منه.
قال: فتجاوزت عن كلامه هذا، كأنّي ما سمعته منه، ثمّ لقيته بعد ذلك فسلّمت عليه و سألته عن خبره و حاله، ثمّ قلت: ما حال الفتى الهاشميّ؟
فقال لي: دع هذا القول عنك، هذا و اللّه خير أهل الأرض، و أفضل من خلق اللّه، إنّه لربما همّ بالدخول فأقول له: تنظر حتّى تقرأ عشرك.
فيقول لي: أيّ السور تحبّ أن أقرأها؟
أنا أذكر له من السور الطوال ما لم تبلغ إليه، فيهذّها [1] بقراءة لم أسمع أصحّ منها من أحد قطّ، و جزم [2] أطيب من مزامير داود النبيّ (عليه السلام) الذي إليها من قراءته يضرب المثل.
قال: ثمّ قال: هذا مات أبوه بالعراق و هو صغير بالمدينة، و نشأ بين هذه الجواري السود، فمن أين علم هذا؟
قال: ثمّ ما مرّت به الأيّام و الليالي حتّى لقيته فوجدته قد قال بإمامته، و عرف الحقّ و قال به [3].
الثاني- علمه (عليه السلام) بالحلال و الحرام:
(307) 1- ابن شهرآشوب (رحمه الله): خرج من عند أبي محمّد (عليه السلام) في سنة
[1] الهذّ و الهذذ: سرعة القطع و سرعة القراءة. لسان العرب: 3/ 517 (هذذ).
[2] جزم القراءة جزما: وضع الحروف مواضعها في بيان و مهل. لسان العرب: 12/ 98 (جزم).