و ذكر أبو عبيدٍ: الصارّة العطش، و الجمع صرائر. و هو غلط، و الوجه ما ذكرنا.
و أما الرَّابع، فالصَّوت. من ذلك الصَّرَّة: شِدَّة الصِّياح. صَرَّ الجُنْدَب صرِيراً، و صَرْصَرَ الأخْطبُ صَرصرة. و الصَّرَارِىُّ: الملَّاح، و يمكن أن يكون لرفعِهِ صوتَه.
و مما شذَّ عن هذه الأصول كلمتان، و لعلَّ لهما قياساً قد خَفِىَ علينا مكانُه فالأولى: الصّارَّة، و هى الحاجة. يقال لى قِبَلَ فلانٍ صَارَّةٌ، و جمعها صوَارُّ، أى حاجة. و الكلمة الأخرى الصَّرورة، و هو الذى لم يحجُجْ، و الذى لم يتزوَّج.
و يقال: الصَّرُورة: الذى يَدَعُ النكاح متبتِّلا. و جاء
فى الحديث: «لا صَرُورة فى الإسلام».
قال أبو بكر محمّد بن الحسن بن دُريد [2]: «الأصل فى الصَّرورة أنَّ الرجلَ فى الجاهلية كان إٍذا أحدَثَ حدَثاً فلجأ إلى الكعبة لم يُهَجْ، فكان إذا لقِيَه ولىُّ الدَّمِ بالحرَم قيل له: هو صرورة فلا تَهِجْه. فكثُر ذلك فى كلامهم حتَّى جعلوا المتعبِّد الذى يجتِنب النِّساءَ و طِيبَ الطعام صَرورةً، و صروريًّا. و ذلك عَنَى النابغةُ بقوله:
[1] لذى الرمة فى ديوانه 588 و اللسان (صرر قصع، نشح)، و سيأتى فى (قصع). و عجزه: