قد طويناه فوق خِشفٍ كحيلٍ * * * أحورِ الطرفِ فاترٍ سَحّارِ
و عكفنا على المُدامة فيه * * * فرأينا النهار في الظهر جارى
و هى مليحةٌ كما ترى. و في ذكرها كلِّها تطويل، و الإيجاز أمثل و ما أحسبك ترى بتدوين هذا و ما أشبهه بأسا.
و مدح رجلٌ بعض أمراء البصرة، ثم قال بعد ذلك و قد رأى توانياً في أمره، قصيدَةً يقول فيها كأنه يجيب سائلًا:
جوَّدتَ شعرَك في الأمي * * * رِ فكيفَ أمْرُك قلتُ فاترْ
فكيفَ تقول لهذا، و من أى وجه تأتى فتظلمه، و بأى شئٍ تعانده فتدفعه عن الإيجاز، و الدلالة على المراد بأقصر لفظٍ و أوجز كلام. و أنت الذي أنشدتنى:
سَدَّ الطريقَ على الزما * * * نِ وقام في وجه القطوب
كما أنشدتَنى لبعض شُعراء الموصل:
فدَيتك ما شبت عن كُبرةٍ * * * و هذى سِنِيَّ و هذا الحسابُ
و لكن هُجِرتُ فحَلَّ المشيبُ * * * و لو قد وُصِلتُ لعاد الشبابُ
فلِمَ لم تخاصم هذين الرجلين في مزاحمتهما فحولة الشعراء و شياطين الإِنس، و مَرَدة العالَم في الشعر.
و أنشدنى أبو عبد اللّٰه المغلسى المراغى لنفسه:
غداةَ تولت عِيسُهم فترحلوا * * * بكيت على ترحالهم فعميتُ
فلا مُقلتِى أدّت حقوقَ وِدادهم * * * و لا أنا عن عينى بذاك رضيتُ
و أنشدنى أحمد بن بندار لهذا الذي قدمت ذكره، و هو اليوم حى يرزق:
زارَنى في الدُّجى فنمَّ عليه * * * طيبُ أردانِه لدى الرقباءِ