و إذا أضفنا كتبه المنشورة، إلى ما سبق فسنجد أنّ له في الشعر و الشعراء نحو عشرين مصنّفا، تبلغ نحو خمسة و أربعين ألف ورقة. و أمّا كتبه الأخرى فهي حافلة بالأشعار أيضا؛ فالشعر مادّة رئيسة في كتابة الأخبار و التواريخ، و في الحديث عن موضوعات الشيب و الشباب و المغازي و الهدايا، و غير ذلك ممّا كتب فيه المرزبانيّ.
إنّ ما سبق يبيّن علوّ منزلة المرزبانيّ في ميدان الشعر و الشعراء، و صبره على التصنيف، و ميله إلى كتابة المصنّفات الموسوعية الضخمة ليغدو بذلك رائدا في هذا المجال، غير أنّ ضياع تلك الموسوعات صرف الأنظار عنه. و ربّما يصل إلى أيدي الباحثين بعض منها، و يكون مناسبا لبيان منزلة المرزبانيّ في التصنيف الموسوعيّ عند العرب. غ
3-معجم الشعراء
أشار صاحب (الفهرست) إلى أنّ المرزبانيّ في كتابه (المعجم) يذكر الشعراء على حروف المعجم، و أنّه بدأ بمن أوّل اسمه ألف، ثمّ بمن أوّل اسمه باء، إلى آخر الحروف. و هو يضمّ نحو خمسة آلاف شاعر، و فيه من شعر كلّ منهم أبيات يسيرة، من مشهور شعره، و أنّه يزيد على ألف ورقة [2] .
و المؤسف أنّ (المعجم) لم يصل إلينا كاملا؛ فما بين أيدينا منه يضمّ ألفا و مائة و تسع عشرة ترجمة، و ذلك أقلّ من خمسه، و يبدأ بـ (ذكر من اسمه عمرو) ، من حرف العين.
و يبدو من قراءة (المعجم) أنّ مؤلّفه كان يسعى إلى تقديم مصنّف موسوعيّ، تستوفى فيه تراجم الشعراء العرب من الجاهلية إلى عصره، و لذلك «كان يهتمّ بكلّ شاعر يصادفه، حتى و إن لم يبق من شعره سوى بيت أو بيتين، و ذلك عملا بالميل إلى الاستيعاب» [3] ، و هذا ما جعل الإيجاز سمة غالبة على تراجم الكتاب، غير أنّ المؤلف كان يبالغ أحيانا في الإيجاز، كقوله في ترجمة (مسروق بن حجر بن سعيد الكنديّ) : «مخضرم، يقول في رواية دعبل:
ألا من مبلغ عنّي شعيبا # أ كلّ الدّهر عزّكم جديد»
و قد تكون الترجمة أكثر إيجازا من ذلك، كقوله في ترجمة (منجور بن غيلان بن خرشة الضّبّيّ) : «هاجى جريرا. روي ذلك عن يونس» .
و أمّا إطالة الترجمة فأمر نادر، و منه ترجمة (الفرزدق) فقد بلغ طولها نحو سبع تراجم